قوله: «وَبَنَوْا الْحَائِطَ البراني
مُسَنَّمًا مُحَرَّفًا». الجدار الذي من جهة الشمال بنوه مسنمًا؛ لئلا يستقبل
القبر أحد، فجعلوه على شكل محراب مسنم حتى إن المصلي لا يستقبل شيئًا من الجدار،
ولهذا قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
فَأجَابَ رَبُّ الْعَالَمِينَ دُعَاءَهُ |
وَأَحَاطَهُ بِثَلاَثَة الجُدْرَانِ |
حَتَّى غَدَتْ أَرْجَاؤُهُ بِدُعَائِهِ |
فِي عِزَّةٍ وَحِمَايَةٍ وَصِيَانِ |
أي: صار الجدار مثلثًا من جهة الشمال لئلا يستقبل القبر أحد، وجعلوه محرفًا
لئلا يُصلى إليه؛ عملاً بنهي الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: «لاَ تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ»؛ لأن هذا
إهانة للقبر، «وَلاَ تُصَلُّوا إِلَيْهَا».
هذا محل الشاهد، لا تستقبل القبر عند الصلاة، لا قبر النبي صلى الله عليه
وسلم ولا غيره، ولأجل ذلك حرفوا الجدار، فصار المصلي لا يستقبل شيئًا من القبر أو
حول القبر.
قوله: «لأَِنَّ ذَلِكَ يُشْبِهُ
السُّجُودَ لَهَا». نهى عن الضدين: نهى عن امتهان القبور وهو الجلوس عليها،
وكل ما يسيء إليها، ويتنافى مع حرمتها، ونهى عن الغلو فيها، والمشروع هو التوسط
بين الغلو والإهانة، فالقبور تُصان وتُسور عن الأذى، ولكنها لا يُغلى فيها، ولا
تتخذ أماكن للعبادة رجاء الإجابة.
فقوله: «لأَِنَّ ذَلِكَ
يُشْبِهُ السُّجُودَ لَهَا»؛ لأنه إذا صلى عندها كأنه يصلي لها، ويسجد لها،
ففيه تشبه بالمشركين، واليهود، والنصارى الذين يسجدون للقبور، ويعبدونها من دون
الله، أما إذا كان يقصد القبر بسجوده، فهذا شرك أكبر، لكن إن كان يسجد ويصلي ويدعو
الله، ولكن عند القبر، فهذا وسيلة إلى الشرك وبدعة لا يجوز.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد