قوله: «وَهَؤُلاَءِ إذَا شُرِعَ لَهُمْ
أَنْ يَطْلُبُوا مِنْهُ الشَّفَاعَةَ وَالاِسْتِغْفَارَ بَعْدَ مَوْتِهِ». أي:
بعد موته لا يمكن أن يُطلب منه شيء، لا استغفار ولا غيره؛ بدليل أن الصحابة لم
يكونوا يأتون إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقولون: ادع الله لنا، استغفر
الله لنا، أو ما شابه ذلك. وهم أعلم الأمة بما يجوز وما يُمنع، وهم القدوة لمن جاء
بعدهم، فلما لم يأتوا إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم يطلبون منه الدعاء كما
كانوا يفعلون ذلك في حياته دل على أن ذلك لا يجوز.
قوله: «وَإِذَا كَانَ الاِسْتِشْفَاعُ
مِنْهُ طَلَبُ شَفَاعَتِهِ فَإِنَّمَا يُقَالُ فِي ذَلِكَ: اسْتَشْفِعْ بِهِ
فَيُشَفِّعْهُ اللَّهُ فِيك، لاَ يُقَالُ: فَيُشَفِّعْك اللَّهُ فِيهِ». كما
جاء في لفظ الحكاية، «فَيُشَفِّعْك
اللَّهُ» أي: أن مالكًا قال ذلك لأبي جعفر، والعكس هو المطلوب أن الله يشفعه
فيك، لا أن يشفعك الله فيه، كما جاءت هذه اللفظة في الحكاية، فهذا دليل على أنها
باطلة لا تليق بالإمام مالك.
وَهَذَا مَعْرُوفُ الْكَلاَمِ وَلُغَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
وَأَصْحَابِهِ وَسَائِرِ الْعُلَمَاءِ». أي: أنهم يقولون: يشفعه الله فيك، ولا
يقولون: يشفعك الله فيه. هذا ليس من لغة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا من لغة
أصحابه.
قوله: «يُقَالُ: شَفَعَ فُلاَنٌ فِي
فُلاَنٍ فَشُفِّعَ فِيهِ. فَالْمُشَفَّعُ الَّذِي يُشَفِّعُهُ الْمَشْفُوعُ
إلَيْهِ هُوَ الشَّفِيعُ الْمُسْتَشْفَعُ بِهِ». هذه لغة الرسول صلى الله عليه
وسلم ولغة العرب أن تقول: يشفعه الله فيك، ولا يُقال: يشفعك الله فيه.
قوله: «لاَ السَّائِلُ الطَّالِبُ مِنْ
غَيْرِهِ أَنْ يَشْفَعَ لَهُ». أما الطالب السائل، فلا يُقال: يشفعك الله فيه،
كيف يُقال: يشفعك الله، وأنت تطلب منه الشفاعة؟ فدل هذا على أن هذه الحكاية باطلة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد