قوله: «أَنَّهُ رَأَى أَعْرَابِيًّا
أَتَى قَبْرَهُ وَقَرَأَ هَذِهِ الآْيَةَ». قرأ هذه الآية: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ
ظَّلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ
ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّابٗا رَّحِيمٗا﴾ [النساء: 64]، ثم
طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يستغفر له عملاً بظاهر هذه الآية دون أن يفهم
أن المقصود منها في حياته لا بعد موته صلى الله عليه وسلم، ثم لما ذهب نام العتبي،
فزعم أن الرسول جاءه في المنام، وقال له: أدرك الأعرابي، وأخبره أن الله قد غفر
له.
هذا حاصل الحكاية، وهي مجهولة، وأسانيدها منقطعة مظلمة كما ذكر العلماء،
ولو صحت لا يُحتج بها؛ لأنها ليست نصًّا من الكتاب أو السنة، ولا من عمل السلف
الصالح، إنما هي عمل أعرابي، والذي يقول هذا العتبي، أو رجل مجهول آخر، وفيها
انقطاع في السند؛ حتى قال الحافظ ابن عبد الهادي في رده على السبكي: «وفي الجملة ليست هذه الحكاية المذكورة عن
الأعرابي مما يقوم به حجة، وإسناده مظلم مختلف، ولفظها مختلف أيضًا، ولو كانت
ثابتة لم يكن فيها حجة، ولا يصلح الاحتجاج بمثل هذه الحكاية ولا الاعتماد على
مثلها عند أهل العلم».
رأى العتبي في المنام من قال له: أدرك الأعرابي فبشره أن الله غفر له.
قوله: «وَهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ
مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعِينَ». هذه
الحكاية مع الأسف ذُكرت في بعض الكتب التي هي محل ثقة، مثل «المغني» لابن قدامة عند زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ومثل: «تفسير ابن كثير» ذكرها عند تفسير الآية ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ
ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ﴾ ولم يعلق عليها، وإنما مجرد ذكرها مثل ما يذكر
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد