×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

الإسرائيليات، فابن كثير يذكر ما وردت به الأخبار، وأحيانًا لا يعلق عليها، وذكره لها لا يدل على أنه يراها، وذكرها غيرهما من المؤلفين، ولكن هذا لا يجعلها محل ثقة، ولا يجعلها صحيحة وإن ذكروها، ولو صحت فليس فيها دليل؛ لأنها ليست آية، ولا حديثًا، ولا فعل أحد من الأئمة، بل هي فعل أعرابي، والأعراب عندهم من الجهل أكثر من هذا، ثم إنها أيضًا فيها رؤيا للعتبي، والرؤى والمنامات لا يُبنى عليها شرع، فقد يكون الذي جاء للعتبي في المنام شيطان؛ لأجل الفتنة، من يقول: إنه الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

قوله: «مِنْ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْمَتْبُوعِينَ الَّذِينَ يُفْتَى النَّاسُ بِأَقْوَالِهِمْ». الأئمة المعروفون بالفقه والعلم، وتحقيق العقيدة، كالأئمة الأربعة، والأوزاعي، وإسحاق بن راهويه، وغيرهم من الأئمة المتبوعين، وسفيان الثوري.

قوله: «وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ طَلَبُ دُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ عِنْدَ قَبْرِهِ مَشْرُوعًا لَكَانَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ أَعْلَمَ بِذَلِكَ وَأَسْبَقَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِمْ». مما يدل على بطلان هذه الحكاية: أنها مخالفة لما عليه الصحابة والتابعون الذين اتبعوهم بإحسان، فإنهم لم يكونوا يفعلون مثل فعل هذا الأعرابي، ويأتون عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم يطلبون منه الاستغفار، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه؛ لأنهم أحرص منا على الخير، وأعرف منا بما يُشرع.

قوله: «وَلَكَانَ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ يَذْكُرُونَ ذَلِكَ». ويحثون على المجيء إلى قبره، وطلب الحوائج منه، ولم يوجد شيء من ذلك في كلامهم أبدًا، وإنما هذا من كلام المخرفين الذين لا عبرة بهم.


الشرح