قوله: «بَلْ وَلاَ هُوَ لُغَةُ
الْعَرَبِ». ليس في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا في كلام أصحابه، ولا
في لغة العرب أن التوسل بالشخص يسمى تشفعًا به.
قوله: «فَإِنَّ الاِسْتِشْفَاعَ طَلَبُ
الشَّفَاعَةِ. وَالشَّافِعُ هُوَ الَّذِي يُشَفِّعُ السَّائِلَ فَيَطْلُبُ لَهُ
مَا يَطْلُبُ مِنْ الْمَسْئُولِ الْمَدْعُوِّ الْمَشْفُوعِ إلَيْهِ». يشفع،
بمعنى: أنه ينضم إلى السائل، فالسائل كان وحده يدعو الله، فجاء الشافع وانضم إليه،
ودعا له معه، فصار شفعًا بدل أن كان فردًا.
قوله: «نَعَمْ هَذَا سُؤَالٌ بِهِ
وَدُعَاؤُهُ لَيْسَ هُوَ اسْتِشْفَاعًا بِهِ». هذا دعاء به، وسبق لنا أنه لا
يتوسل بالأشخاص إلى الله جل وعلا، لا بالرسل ولا بغيرهم من الأولياء والصالحين؛
لأن معناه أنه يقسم على الله بخلقه.
قوله: «وَلَكِنَّ هَؤُلاَءِ لَمَّا
غَيَّرُوا اللُّغَةَ كَمَا غَيَّرُوا الشَّرِيعَةَ وَسَمَّوْا هَذَا اسْتِشْفَاعًا
- أَيْ: سُؤَالاً بِالشَّافِعِ - صَارُوا يَقُولُونَ: اسْتَشْفِعْ بِهِ
فَيُشَفِّعْك. أَيْ: يُجِيبُ سُؤَالَك بِهِ». هذا الذي ذكروه عن مالك أنه قال
لأبي جعفر: «اسْتَشْفِعْ بِهِ
فَيُشَفِّعْك». ما قالوا: «حتى يشفعه
الله فيك»، وهذا كله من الجهل حتى بلغة العرب، فضلاً عن الجهل بالأدلة.
قوله: «وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ
هَذِهِ الْحِكَايَةَ». رجع إلى الحكاية، وهو رحمه الله لا يترك الشبهة حتى
يوضحها تمامًا ويجليها، ولذلك تجدونه أطال في هذه الحكاية؛ لأنها منسوبة إلى إمام
جليل، وموجودة في بعض الكتب التي هي مراجع، وربما يغتر بها الجهلة، فيأخذونها
دليلاً يعتمدون عليه، فلذلك أطال في الرد عليها حتى حطمها حرفًا حرفًا.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد