فالصنف الأول: لم
يتعمدوا، ولكن ظنوا أن مراد الله ومراد رسوله ما أدركوا عليه قومهم وتعارفوا عليه،
فيفسرون كلام الله وكلام رسوله بعادة قومهم.
أما الصنف الثاني: فيتعمدون والعياذ بالله، فهم يعرفون أن هذا ليس مراد الله ومراد رسوله،
ولكنهم يتعمدون تحريف الكلام عن مواضعه؛ لأجل إضلال الناس، ويفسرون القرآن والسنة
بغير تفسيرهما تعمدًا وقصدًا لإضلال الناس.
قوله: «ثُمَّ يَنْطِقُونَ
بِتِلْكَ الأَْلْفَاظِ مُرِيدِينَ بِهَا مَا يَعْنُونَهُ هُمْ وَيَقُولُونَ: إنَّا
مُوَافِقُونَ لِلأَْنْبِيَاءِ». وهم ليسوا موافقين لهم.
قوله: «وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي كَلاَمِ
كَثِيرٍ مِنْ الْمَلاَحِدَةِ الْمُتَفَلْسِفَةِ والإْسمَاعِيليَّة». تعمد
التحريف والتأويل يوجد في كلام الملاحدة، ولهذا قال جل وعلا: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ
فَٱدۡعُوهُ بِهَاۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ أَسۡمَٰٓئِهِۦۚ
سَيُجۡزَوۡنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ﴾ [الأعراف: 180]، ومن
الإلحاد في أسماء الله وصفاته: تفسيرها بغير معناها الصحيح إلى معان اخترعوها
واعتقدوها هم، وهذا ما عليه الباطنية من الإسماعيلية، وهم غلاة الشيعة الذين
ينتسبون إلى إسماعيل بن جعفر، ويسمون بالإسماعيلية وهم باطنية، والفلاسفة القدامى،
والمحدثون الذين يزعمون أنهم يفهمون الأشياء، وأن عندهم فهمًا غير فهم الأنبياء،
وغير ذلك مما عليه الفلاسفة قديمًا وحديثًا.
قوله: «وَمَنْ ضَاهَاهُمْ مِنْ
مَلاَحِدَةِ الْمُتَكَلِّمَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ». الملاحدة المتكلمة الذين
يعتمدون على البراهين العقلية، والقواعد المنطقية، ويقدمونها على كلام الله وكلام
رسوله صلى الله عليه وسلم، ويقولون: لأنها حقائق عقلية، وأما النصوص فهي ظواهر
ظنية لا يعتمد عليها، بخلاف القواعد العقلية فإنها يقينية.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد