×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 قوله: «وَمَعْلُومٌ أَنَّ لَفْظَ الْمُحْدَثِ بِهَذَا الاِعْتِبَارِ لَيْسَ لُغَةَ أَحَدٍ مِنْ الأُْمَمِ». المحدث القديم هذا ليس بلغة، أي: محدث ليس له بداية، هذا ليس في لغة الأمم، وإنما المحدث: هو ما وجد بعد أن لم يكن، والمخلوق: هو الذي وجد وخُلق بعد أن لم يكن، قال تعالى: ﴿هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ لَمۡ يَكُن شَيۡ‍ٔٗا مَّذۡكُورًا [الإنسان: 1]، وقال الله لزكريا عليه السلام: ﴿وَقَدۡ خَلَقۡتُكَ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ تَكُ شَيۡ‍ٔٗا [مريم: 9]، فهذا معنى المحدث، ليس معناه المحدث القديم، فهم يُروِّجون على الناس بهذه الألفاظ الباطلة.

قوله: «وَإِنَّمَا الْمُحْدَثُ عِنْدَهُمْ مَا كَانَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ». هذا هو المحدث: ما كان بعد أن لم يكن، أما أنه محدث لا بداية لإحداثه، فهو قديم، فهذا باطل وتناقض، كيف يكون محدثًا وقديمًا أزليًّا؟

قوله: «وَكَذَلِكَ يَضَعُونَ لَفْظَ «الْمَلاَئِكَةِ» عَلَى مَا يُثْبِتُونَهُ مِنْ الْعُقُولِ وَالنُّفُوسِ وَقُوَى النَّفْسِ. وَلَفْظَ «الْجِنِّ» وَ«الشَّيَاطِينِ» عَلَى بَعْضِ قُوَى النَّفْسِ». يقولون: الملائكة ليس معناهم أنهم مخلقون، وأنهم ذوو أجنحة مثنى وثلاث ورباع، وأنهم رسل ينزلون بالأوامر، وأن الله خلقهم من نور، ولهم أجسام عظيمة، وإنما الملائكة هي الخواطر التي في النفوس، فإن كانت طيبة فهم ملائكة، وإن كانت الخواطر سيئة فهم شياطين، وإلا ليس هناك وجود للشياطين ولا للملائكة، وإنما هي الخواطر الذهنية. ومع الأسف هذا الكلام موجود في «إحياء علوم الدين» للغزالي؛ لأن الغزالي تأثر بالفلسفة، وعجز أن يخرج منها، وكان فقيهًا شافعيًّا، ولكنه بُلي بالفلسفة، دخل فيها كما يقول تلميذه ابن العربي: «دخل شيخنا أبو حامد في بطن الفلاسفة، ثم أراد أن يخرج فما قدر».


الشرح