×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 وَمَنْ عَرَفَ مُرَادَ الأَْنْبِيَاءِ وَمُرَادَهُمْ عَلِمَ بِالاِضْطِرَارِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ هُوَ ذَاكَ مِثْلَ أَنْ يَعْلَمَ مُرَادَهُمْ بِالْعَقْلِ الأَْوَّلِ وَأَنَّهُ مُقَارِنٌ عِنْدَهُمْ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ أَزَلاً وَأَبَدًا وَأَنَّهُ مُبْدِعٌ لِكُلِّ مَا سِوَاهُ أَوْ بِتَوَسُّطِهِ حَصَلَ كُلُّ مَا سِوَاهُ.

**********

الشرح

هذا رد على الفلاسفة والملاحدة الذين عندهم اصطلاحات اصطلحوا عليها، ويريدون أن يفسروا كلام الله وكلام رسوله على حسب اصطلاحاتهم، كما أن المشركين من مشركي الجاهلية والقبوريين في الإسلام لهم اصطلاحات، ويريدون أن يفسروا كلام الله ورسوله حسب اصطلاحاتهم، فلما سمعوا لفظ الشفاعة في القرآن والسنة فسروها بأن المراد بذلك اتخاذ الوسائط بين العباد وبين الله في قضاء حاجاتهم، فهم شفعاء بمعنى وسائط بينهم وبين الله؛ كما قال تعالى: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ [يونس: 18]، فيفسرون الشرك بأنه التوسل إلى الله، وطلب الشفاعة من الأولياء والصالحين الذين تقربوا إليهم بأنواع من العبادات، أنهم إنما فعلوا ذلك طلبًا للشفاعة. في حين أن الشفاعة المذكورة في الكتاب والسنة معناها الدعاء بأن يطلب أحد من النبي صلى الله عليه وسلم، أو من عباد الله الصالحين الأتقياء أن يدعو الله له بالشفاء والعافية والرزق، ونحو ذلك. هذا هو المراد بالتوسل الشرعي، وأنه من معانيه طلب الدعاء من الصالحين، فيدعون الله لمن طلب منهم ذلك، كما كان الصحابة يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم بنزول المطر، وغير ذلك، كما طلب الصحابة رضي الله عنهم من العباس رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم بالسقيا، وكما يأتي الخلق يوم القيامة إلى الأنبياء يطلبون منهم الشفاعة


الشرح