×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

 الفلاسفة بقدم العالم، فإن الله هو الأول الذي ليس قبله شيء، وهو الآخر الذي ليس بعده شيء، هذه هي عقيدة الرسل في الإيمان بالله عز وجل، قال تعالى: ﴿هُوَ ٱلۡأَوَّلُ وَٱلۡأٓخِرُ وَٱلظَّٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ [الحديد: 3]، فسره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «اللهُمَّ أَنْتَ الأَْوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآْخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ» ([1]).

لا أحد يستر الأشياء عن الله ويحجبها، ليس دونه شيء يعلم كل شيء سبحانه وتعالى، وهو قريب من عباده لا يخفى عليه شيء سبحانه وتعالى، هذا هو ما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام.

قوله: «وَيُعْلَمُ أَنَّ الْحَدِيثَ الَّذِي يُرْوَى: «أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَقْلُ» حَدِيثٌ بَاطِلٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ». عندهم أن: مَعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ فَإِنَّ لَفْظَهُ «أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَقْلُ» بِنَصْبِ الأَْوَّلِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ «فَقَالَ لَهُ: أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ. فَقَالَ: وَعِزَّتِي مَا خَلَقْت خَلْقًا أَكْرَمَ عَلَيَّ مِنْك»، وهذا باطل لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والله عز وجل لا يزال يخلق، فمن الذي يحدد أول المخلوقات؟ هذا لا يعلمه إلا الله جل وعلا، فهذا يدل على بطلان هذا الحديث.

قوله: «مَعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَقًّا لَكَانَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ». لو كان الحديث حقًّا، فإنه لم يروَ بالرفع «أولُ»، ولكنهم رووه بالرفع، فيجعلون أول المخلوقات، وإنما الحديث على بطلانه: «أَوَّلُ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَقْلُ قَالَ لَهُ:...» إلى آخره، أي: من حين خلقه قال له: قم. فقيامه وإقباله وإدباره عند بداية خلقه، وهذا لا يدل على أن العقل أول شيء.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2713).