وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿الٓرۚ كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ
لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ
ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ ١ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ
وَوَيۡلٞ لِّلۡكَٰفِرِينَ مِنۡ عَذَابٖ شَدِيدٍ ٢﴾ [إبراهيم: 1، 2].
وَقَالَ
تَعَالَى: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ
إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ
وَلَٰكِن جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ
لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ٥٢صِرَٰطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِۗ أَلَآ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ٱلۡأُمُورُ ٥٣﴾ [الشورى: 52، 53].
**********
الشرح
قال الله تعالى في مطلع «سورة
إبراهيم»: ﴿الٓرۚ﴾ [إبراهيم: 1]
افتتحها بثلاثة حروف «ألف، لام، راء»،
﴿كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ
إِلَيۡكَ﴾ وفي آية الأعراف: ﴿كِتَٰبٌ
أُنزِلَ إِلَيۡكَ﴾ [الأعراف: 2]، فالمنزِّل هو الله سبحانه وتعالى، وضمير «نا» للعظمة بصيغة الجمع، ولكن المراد
الله جل وعلا، ﴿إِلَيۡكَ﴾ أيها الرسول ﴿لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ﴾ وليست العرب فقط؛
لأن رسالته عامة لجميع الإنس والجن، وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم، وأما من
قبله فكانت رسالتهم إلى أممهم خاصة، ﴿مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ﴾ ظلمات الكفر والشرك
والجهل، ولم يحددها؛ لأنها ظلمات كثيرة ليس لها حد، ﴿إِلَى ٱلنُّورِ﴾ لم يقل إلى
الأنوار؛ لأن النور واحد لا يتعدد، وصراط الله واحد والسبل كثيرة، قال تعالى: ﴿وَأَنَّ هَٰذَا صِرَٰطِي
مُسۡتَقِيمٗا فَٱتَّبِعُوهُۖ وَلَا تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ﴾ [الأنعام: 153]،
فالظلمات ليس لها حد، وإنما النور واحد لا يتبدل ولا يتغير، ﴿بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ﴾ أي: بشرعه ودينه،
فلا يُخرج الناس إلى الظلمات إلى النور إلا كتاب الله، وما شرعه الله لهم من
الأحكام التي هي في صالحهم في الدنيا والآخرة،﴿إِلَىٰ
صِرَٰطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ﴾
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد