×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الثالث

وَعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ: إنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَقُومُ وَيُصَلِّي حَتَّى تَرِمَ قَدَمَاهُ أَوْ سَاقَاهُ، فَيُقَالُ لَهُ، فَيَقُولُ: «أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا»([1]). رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلاَّ أَبَا دَاوُد .

******

 لما نزل عليه قوله جل وعلا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡمُزَّمِّلُ ١ قُمِ ٱلَّيۡلَ إِلَّا قَلِيلٗا ٢ نِّصۡفَهُۥٓ أَوِ ٱنقُصۡ مِنۡهُ قَلِيلًا[المزمل: 1- 3]، قام صلى الله عليه وسلم حتى تفطرت قدماه، وحتى تورمت قدماه وساقاه من طول القيام.

فهذا دليل على أن طول القيام أفضل من السجود؛ لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

والله جل وعلا قال له: ﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا [الإسراء: 79]، فقام صلى الله عليه وسلم حتى تفطرت قدماه، فقيل له في ذلك، قالت له عائشة رضي الله عنها: لم تفعل هذا - يا رسول الله -، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: «أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا»، فهو يفعل هذا شكرًا لله عز وجل.

وفي هذا دليل على أن الشكر يكون بالفعل؛ كما يكون بالقول والله جل وعلا قال: ﴿ٱعۡمَلُوٓاْ ءَالَ دَاوُۥدَ شُكۡرٗاۚ [سبأ: 13]، فدل على أن العمل - عمل الطاعات - يكون من الشكر لله مثل القول؛ تقول: الحمد لله، الشكر لله، ومع هذا تفعل الطاعات؛ شكرًا لله عز وجل، الرسول صلى الله عليه وسلم فعل هذا، وقال: «أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا».

***


الشرح

([1])أخرجه: أحمد (30/ 176)، والبخاري (1130)، ومسلم (2819)، والترمذي (412)، والنسائي (1644)، وابن ماجه (1419).