×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الثالث

باب: فَضْلِ الْمَسْجِدِ الأْبْعَدِ  وَالْكَثِيرِ الْجَمْعِ

  ******

قوله رحمه الله: «باب: فَضْلِ الْمَسْجِدِ الأَْبْعَدِ»، المساجد تتفاضل، بعضها أفضل من بعض؛ فأفضلها: البعيد الذي يحتاج إلى خطوات ومشي؛ لأن الخطوات تكتب؛ ﴿إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمۡۚ وَكُلَّ شَيۡءٍ أَحۡصَيۡنَٰهُ فِيٓ إِمَامٖ مُّبِينٖ [يس: 12]. ﴿وَءَاثَٰرَهُمۡۚ: إلى المساجد، فإذا خرج المسلم إلى المسجد، فإن كل خطوة يخطوها يرفع له بها درجة، ويحط عنه بها خطيئة، وهو في صلاة، له أجر المصلي، وهو يمشي، فالمشي إلى المساجد فيه فضل عظيم، خير كثير، ولذلك الذهاب إلى المسجد البعيد أفضل؛ لما يترتب على ذلك من كثرة الخطا.

قال صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ ؟ إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ»([1]).

فالمسجد البعيد أفضل من المسجد القريب؛ لأن الخطا إليه أكثر.

ولما كانت ديار بني سليمة بعيدة عن مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم يصلون مع الرسول صلى الله عليه وسلم أرادوا أن يقربوا من المسجد، أن ينقلوا منازلهم من مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، قال: «يَا بَنِي سَلِمَةَ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ»([2])، يعني: ابقوا في دياركم، لأجل أن  


الشرح

([1])أخرجه: مسلم (251) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([2])أخرجه: مسلم (665) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.