×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الثالث

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَؤُمُّ قَوْمَهُ، فَدَخَلَ حَرَامٌ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيَهُ نَخْلَهُ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ مَعَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا رَأَى مُعَاذًا طَوَّلَ تَجَوَّزَ فِي صَلاَتِهِ وَلَحِقَ بِنَخْلِهِ يَسْقِيهِ، فَلَمَّا قَضَى مُعَاذٌ الصَّلاَةَ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ، قَالَ: إنَّهُ لَمُنَافِقٌ أَيَعْجَلُ عَنْ الصَّلاَةِ مِنْ أَجْلِ سَقْيِ نَخْلِهِ؟

 ******

ثم تأتي الطائفة التي لم تصل الركعة الأولى مع الإمام تقوم معه، فيصلي بها الركعة الثانية، ثم يثبت جالسًا حتى تقوم هذه الطائفة، وتكمل لنفسها، ثم يسلم بها، هذه إحدى صفات صلاة الخوف، وهذا إذا كان العدو في غير جهة القبلة، وهو ما يسمونه بالوجه الثاني.

 قوله رحمه الله: «ثَبَتَ أَنَّ الطَّائِفَةَ الأُْولَى فِي صَلاَةِ الْخَوْفِ تُفَارِقُ الإِْمَامَ وَتُتِمَّ»، هذا ثبت في الآية الكريمة، ليس فيه إشكال.

 قوله رحمه الله: «وَهِيَ مُفَارِقَةٌ لِعُذْرٍ»، وهي هذه المفارقة من الطائفة الأولى هذه لعذر الحراسة؛ ﴿وَدَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡ تَغۡفُلُونَ عَنۡ أَسۡلِحَتِكُمۡ وَأَمۡتِعَتِكُمۡ فَيَمِيلُونَ عَلَيۡكُم مَّيۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ [النساء: 102].

 هذه القصة العظيمة أن حرامًا رضي الله عنه - اسم رجل من الأنصار رضي الله عنهم - دخل مع معاذ رضي الله عنه، وهو يؤم الناس، دخل معه يريد فضل الجماعة، ولكنه ترك الماء في نخله، ليس عنده أحدٌ يصرفه، فإذا لم يكن عنده أحد يصرفه، فإنه يضيع، يضيع الماء. فلما أطال معاذ رضي الله عنه القراءة؛ لأنه رويَ أنه قرأ بـ﴿ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ [القمر: 1]، فلما أطال القراءة، نوى الانصراف والانفراد، فانفرد، وأكمل صلاته، ثم انصرف إلى سقيه، هذه حاجة تفوت. ولما علم معاذ رضي الله عنه بفعله، غضب عليه،


الشرح