قَالَ:
فَجَاءَ حَرَامٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمُعَاذٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ:
يَا نَبِيَّ اللَّهِ إنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَسْقِيَ نَخْلاً لِي، فَدَخَلْتُ
الْمَسْجِدَ لأِصَلِّيَ مَعَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا طَوَّلَ تَجَوَّزْتُ فِي
صَلاَتِي وَلَحِقْتُ بِنَخْلِي أَسْقِيهِ، فَزَعَمَ أَنِّي مُنَافِقٌ ، فَأَقْبَلَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى مُعَاذٍ فَقَالَ: «أَفَتَّانٌ أَنْتَ،
أَفَتَّانٌ أَنْتَ، لاَ تُطَوِّلْ بِهِمْ، اقْرَأْ بِـ ﴿سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى﴾، ﴿وَٱلشَّمۡسِ وَضُحَىٰهَا﴾
وَنَحْوِهِمَا»([1]) .
******
وقال: هذا نفاق، إنه
منافق، يعني النفاق الفعلي، ليس النفاق الاعتقادي، إنما هو النفاق العملي، قال:
إنه منافق.
فذهب الرجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ووجد
معاذًا رضي الله عنه عنده، فذكر القصة، وشكا إليه قول معاذ رضي الله عنه ووصفه
بالنفاق.
النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على معاذ رضي
الله عنه فعله هذا، وقال: «أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذٍ؟»، فتَّان: صيغة
مبالغة، يعني: من الفتنة، وهي تنفير الناس، فتَّان، يعني: تنفر الناس عن صلاة
الجماعة.«أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذٍ. أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذٍ ؟»،
ثم أرشده أن يوجز في القراءة، فيقرأ بـ، ﴿وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ﴾، ونحو ذلك من أوساط المفصل،
في صلاة العشاء وفي صلاة المغرب.
ولهذا قال الفقهاء: إن الإمام يقرأ في المغرب من قصار المفصل، وفي الفجر من طوال المفصل، وفي البواقي من أوساط المفصل؛ مثل: ﴿وَٱلشَّمۡسِ وَضُحَىٰهَا﴾,﴿وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ﴾، هذا الاعتدال في الصلاة.
([1])أخرجه: أحمد (12247).