فَلَمَّا
قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَقًّا،
فَقَالَ: «صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا،
فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ
أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا»، فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا
مِنِّي لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنْ الرُّكْبَانِ ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتِّ سِنِينَ، أَوْ سَبْعِ سِنِينَ ،
******
ثم بيَّن السبب في كونه أكثرهم قرآنًا؛ أن هذا
لحرصه على تلقي القرآن، فكان يتلقى الركبان القادمين من المدينة، فيسألهم عما أنزل
على الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن، فيحفظه، فتكون عنده قرآن كثير فاق به
قومه.
فنظروا في تنفيذ قول الرسول صلى الله عليه وسلم:
«وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا»، فلم يجدوا أكثر مني، فقدموني،
وهو لم يبلغ، لم يبلغ الحلم، دون البلوغ، عمره - كما جاء في الروايات - إما ثمان،
أو سبع، أو ست سنين، المهم أنه دون البلوغ.
فهذا فيه: جواز إمامة الصبي
في الفرائض؛ لأنهم قدموه؛ ليصلي بهم الفرائض.
وقوله صلى الله عليه
وسلم: «فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ»: هذا فيه: وجوب الأذان، وفيه أنه لا
يشترط في المؤذن شروط؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «فَلْيُؤَذِّنْ
أَحَدُكُمْ»، فإذا كان مسلمًا، صح أذانه، سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، أو كان
متعلمًا أو غير متعلم، المهم أنه مسلم.
وأما الإمامة، فلها شرط: أن يؤمهم أكثرهم أخذا للقرآن، فقدموا هذا الغلام، وهو لم يبلغ، وهذا فيه: فضل العلم؛ أن حامل القرآن، حامل العلم يقدم على غيره.