وإنما أقام يجهز
لغزوة حنين، فلم ينو إقامة محدودة، والمسافر إذا أقام، ولم ينو إقامة محدودة، يقصر
الصلاة.
فهذا هو الجواب عما
حصل من الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه لم ينو إقامة محددة، وإنما أقام لحاجة، وهي
أنه يجهز لغزوة حنين؛ لأنه لما فتح مكة، خشيت قبيلة هوازن حول مكة أن يصل إليها،
فتجمعوا، واستعدوا للقتال، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، تجهز لغزوهم،
وخرج إليهم في غزوة حنين؛ ﴿لَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ
فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٖ وَيَوۡمَ حُنَيۡنٍ إِذۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡ كَثۡرَتُكُمۡ فَلَمۡ تُغۡنِ
عَنكُمۡ شَيۡٔٗا وَضَاقَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ ثُمَّ وَلَّيۡتُم
مُّدۡبِرِينَ ٢٥ ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى
ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ
ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ [التوبة: 25، 26]، يعني: الملائكة. عند ذلك عاد
المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا لم يبق معه إلا العباس عمه رضي
الله عنه، وابن عمه أبو سفيان بن الحارث رضي الله عنه، ونفر قليل، البقية لما أن
الشعاب امتلأت عليهم بالمقاتلين، فروا، وظنوا أنه لا طاقة لهم بهؤلاء، الرسول صلى
الله عليه وسلم ثبت، وأمر عمه العباس رضي الله عنه أن ينادي هؤلاء؛ الرسول صلى
الله عليه وسلم خلفكم، فدعاهم العباس رضي الله عنه، فجاءوا وأقبلوا، لبيك يا رسول
الله، فأقبلوا، وأحاطوا به، وحملوا على المشركين، فنصرهم الله، وأنزل الله
الملائكة تشجع المسلمين وتطمئنهم.
فانهزم المشركون، وغنم المسلمون منهم مغانم كثيرة، مغانم حنين، ثم منَّ الله على هوازن، فأسلمت، فرد عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم ما أخذه