×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

قَوْله: «ومَن نَطَقَ بها وَلَمْ يَعتَقد حُقِنَ مَالُه ودَمُهُ، وحسابه عَلَى الله» حسابه عَلَى الله فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الله فِي البَاطِن، هَل هُوَ صادق أو كاذب؛ وَلِهَذَا لما أَدْرَكَ أسامةُ بْنُ زَيْدٍ ورجلٌ من الأَنْصَار رجلاً من المشركين وَرُفِعَ عَلَيْهِ السَّيْفُ فَقَالَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، فَكَفَّ عَنْهُ الأَنْصَارِيُّ، وَقَتَلَهُ أسامةُ رضي الله عنه ظَانًّا أنه إِنَّمَا قَالَهَا لِيَدفَع بها القَتْل عَن نفسه، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غَضِب عَلَى أسامة، وَقَالَ: «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ» ([1])، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاَحِ، قَالَ: «أَفَلاَ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لاَ؟» ([2])، وفي رِوَايَة: «فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِلاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟» ([3])، فتَأَسَّفَ أسامةُ ونَدِمَ وحَزِنَ عَلَى مَا حَصَلَ مِنْهُ وعَرِفَ أنه أَخْطَأَ. فنحن لَيْسَ لَنَا إلاَّ الظَّاهِر ولا نَكشِف عَمَّا فِي القلوب حَتَّى يَظْهَر مِنْهُ ما يُناقِض «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، فَإِذَا ظَهَرَ مِنْهُ ما يُناقِض حَكَمْنَا بِرِدَّتِهِ وَأَجْرَيْنَا عَلَيْهِ حُكْمَ المُرْتَدِّ.

قَوْله: «وحُكْمُه حُكْمُ المنافقين» فَهُوَ مُنَافِق.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (4269).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (96).

([3])  أخرجه: مسلم رقم (97).