بل
سمَّى اللهُ تَعَالَى الرِّيَاءَ فِي الطَّاعَات شِرْكًا،
****
كله ودعوته ومؤلفاته فِي تقرير تَوْحِيد
الرُّبُوبِيَّة، ففعله تَحْصِيل حاصل، وَلَمْ يفْعَل شَيْئًا أَبَدًا.
قَوْله:
«بل سمَّى الله الرِّيَاء فِي الطَّاعَات
شركًا»؛ الرِّيَاء فِي الطَّاعَة هُوَ أن الإِنْسَان يَعْبُد اللهَ ويصلي
ويتصدق لله، وَلَيْسَ للأصنام ولا للقبور وَلَكِن يدخل فِي قلبه محبة المدح
وَالثَّنَاء عَلَى هَذِهِ العِبَادَة من النَّاس، فيخالط عِبَادَته الرِّيَاء
فيبطلها، فالرياء يبطل العَمَل الَّذِي دَخَلَ فيه، ويجعله لمن راءاه يَقُول الله
جل وعلا للمرائين يَوْم القِيَامَة: «اذْهَبُوا
إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ
عِنْدَهُمْ جَزَاءً» ([1])؛
فالرياء يبطل العَمَل الَّذِي خالطه، مَعَ أن أَصْله خَالِص لله تَعَالَى، فَإِذَا
كَانَ هَذَا فِي الرِّيَاء، فَكَيْفَ بالشرك وَالعِيَاذُ بالله؟
والرياء خافه الرَّسُول صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّحَابَة وحذرهم مِنْهُ؛ لأن الشِّرْك الأَكْبَر لا يَقَع ولا يصدر من مؤمن، أَمَّا الرِّيَاء فقد يصدر من المؤمن فيبطل العَمَل الَّذِي عمله؛ وَلِهَذَا كَانَ الصَّحَابَة يخافون من الرِّيَاء، وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُم: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَْصْغَرُ» قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الأَْصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الرِّيَاءُ» ([2])، «الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلاَتَهُ، لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ» ([3]). هَذَا يدخل عَلَى الإِنْسَان إلاَّ من وَفِقْه الله لِلإِْخْلاَصِ، وَقَد
([1]) أخرجه: أحمد رقم (23630)، والبيهقي في «الشعب» رقم (6412).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد