فصل
إِذا تَقَرَّرَ عِنْدَكَ
أن المشركين لم ينفعهم الإِقْرَار بالله مَعَ إشراكهم الأَنْدَاد من المخلوقين
مَعَهُ فِي العِبَادَة، ولا أَغْنَى عَنْهُم من الله شَيْئًا، وأن عِبَادَتهم هِيَ
اعْتِقَادهم فِيهِم أَنَّهُم يَضرون ويَنفعون، وأنهم يقرِّبونهم إِلَى الله
زُلْفَى، وأنهم يَشفعون لَهُم عِنْدَ الله تَعَالَى، فنَحَرُوا لَهُم النحائر،
وطافوا بهم، ونَذَرُوا النذور عَلَيْهِمْ، وَقَامُوا متذلِّلِين متواضِعِين فِي
خِدمَتِهم وسَجَدُوا لَهُم، وَمَعَ هَذَا كله فهم مُقِرُّون لله بالربوبية وأنه
الخَالِق، وَلَكِنَّهُم لما أَشرَكُوا فِي عِبَادَته جَعَلَهم مُشرِكِين وَلَمْ
يَعتَدَّ بإقرارهم هَذَا؛ لأنه نافاه فِعلُهم، فلم ينفعهم الإِقْرَار بتوحيد
الرُّبُوبِيَّة.
****
قَوْله:
«إِذا تَقرَّرَ عِنْدَك أن المشركين لم
ينفعهم الإِقْرَار بالله مَعَ إشراكهم الأَنْدَاد من المخلوقين مَعَهُ فِي
العِبَادَة،... فلم ينفعهم الإِقْرَار بتوحيد الرُّبُوبِيَّة».
هَذَا
الَّذِي ذكره المُؤَلِّف هُوَ ما جَاءَت به الرُّسُل، ودعت إِلَيْهِ الأَئِمَّة
بعد الرُّسُل، من أن الإِقْرَار بتوحيد الرُّبُوبِيَّة مَعَ الإِشْرَاك فِي
تَوْحِيد الألوهية لا ينفع، ولا ينجي من النَّار.
وَهَذَا
أصل عَظِيم أَجْمَع عَلَيْهِ الرُّسُل، وَأَجْمَع عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ، وَدَعَا
إِلَيْهِ الأَئِمَّة، ومن آخر من دَعَا إِلَيْهِ هَذَانِ الإمامان المتعاصران:
شَيْخ الإِسْلاَم مُحَمَّد بْن عَبْدِ الوَهَّابِ رحمه الله، وشيخ الإِسْلاَم
الإِمَام مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الصَّنْعَانِيّ رحمه الله، ونادى به وَدَعَا
إِلَيْهِ أَيْضًا الإِمَام
الصفحة 1 / 231
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد