×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

قَالَ الإِمَامُ العَلاَّمَة الحَبْر الفهَّامة الشَّيْخ مُحَمَّد بْن إِسْمَاعِيل الصَّنْعَانِيّ - رَحْمَةُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ -:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحَمْدُ لله الَّذِي لا يَقبل تَوْحِيدَ ربوبيته من العباد حَتَّى يُفرِدوه بتوحيد العِبَادَة كلَّ الإِفْرَاد

****

  قَوْله: «الحَمْد لله الَّذِي لا يَقبل تَوْحِيدَ ربوبيته من العباد حَتَّى يُفردوه بتوحيد العِبَادَة»؛ أي: لا يَقبل تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة من العباد حَتَّى يُفرِدوه بتوحيد الألوهية، وتوحيد الرُّبُوبِيَّة لم يُنكِره أَحَد؛ وَهُوَ الإِقْرَار بِأَنَّ اللهَ هُوَ الخَالِق الرَّازِق المدبِّر المحيي المميت، فَلاَ أَحَد ادَّعى أن هُنَاك مَن يَخلق مَعَ الله، أو يُدبِّر مَعَ الله، لم يستطيعوا أَنْ يَقُولُوا هَذَا، وَلَكِن الشِّرْك وَقَعَ فِي تَوْحِيد الألوهية، فهم يُقِرُّونَ بتوحيد الرُّبُوبِيَّة، حَتَّى المُشْرِكُونَ الأَوَّلُونَ يُقِرُّون بتوحيد الرُّبُوبِيَّة؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۚ [لقمان: 25]،﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ [الزُّخرُف: 87]، ﴿قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَمَن يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۚ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُۚ فَقُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ [يونس: 31].

وَلَكِن الخِلاَف وَقَعَ فِي إفراد الله بِالعِبَادَةِ؛ فهُم يُقِرُّونَ أنه الرَّبّ الخَالِق الرَّازِق، لَكِن لا يُفرِدونه بِالعِبَادَةِ، بل يَدْعُون مَعَهُ غَيره من الأَصْنَام والأشجار والأحجار والقبور؛ حَتَّى مِن المُنْتَسِبين مَن يَدْعُونها ويَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهَا، ويقولون: نَحْنُ نعترف أنها لا تَخلق ولا تَرزق، ولاَ تَنفَع ولاَ تَضُرّ، وَلَكِن هَؤُلاَءِ رِجَال صالحون نريد مِنْهُمْ أن يتوسطوا


الشرح