لَنَا ويَشفعوا لَنَا عِنْدَ الله لا نريد مِنْهُمْ
إلاَّ الشَّفَاعَة، زَيَّنَ لَهُم شَيَاطِين الإِنْس والجن هَذِهِ الشُّبَه،
وَهَذَا عَيْنُ الَّذِي قاله المُشْرِكُونَ الأَوَّلُونَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَعۡبُدُونَ
مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ
هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ﴾
[يونس: 18]، هَذِهِ شُبهَتُهم، ولن تَنفعهم هَذِهِ التُّرَّهَات؛ فالدِّين لله عز
وجل، وَالعِبَادَة حَقٌّ لله، لا يُشَارِكهُ فِيهَا أَحَد، والله لم يَأمر عِبادَه
أن يَتَّخِذوا وسائط بينهم وبينه؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ﴾ [غافر: 60]، فلم يقل: ادعوني بواسطة فلان، أو بشفاعة
فلان، بل قَالَ: ﴿ٱدۡعُونِيٓ
أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ﴾، وَقَالَ:
﴿وَمَا خَلَقۡتُ
ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ﴾
[الذاريات: 56]؛ أي: يخصوني بِالعِبَادَةِ ولا يَعبُدوا معي غيري.
وفي القُرْآن يَذكر الله جل وعلا تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة الَّذِي يُقِرُّون به؛ لِيُقِيم عَلَيْهِمُ الحُجَّة عَلَى تَوْحِيد الألوهية الَّذِي أَنكَروه؛ يَقُول تَعَالَى: ﴿قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرََ﴾ [يونس: 31]، هَذَا من بَاب الإلزام لَهُم؛ لأَِنَّهُم يَعترفون أنه لا يَرزق ولا يَخلق إلاَّ الله، فَهُوَ يُلزِمُهم بِهَذَا؛ فَكَيْفَ تُقِرُّون أنه هُوَ الَّذِي يَخلق ويَرزق وأنه هُوَ الرَّبّ، وَمَعَ هَذَا تَعبدون مَعَهُ غَيره من مخلوقاته مِمَّن هُوَ مثلكم أو دونكم أو أَقَلّ منكم؟ هَذَا من انتكاس الفِطَر والعقول، فالله جل وعلا يَذكُر تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة فِي آياتٍ كَثِيرَة لِيُقَرِّر به تَوْحِيد الألوهية. ومن هَذَا أَيْضًا قَوْله تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ ٢١ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَأَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَأَخۡرَجَ بِهِۦ مِنَ