×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

أي: لِنُفرِدَه بِالعِبَادَةِ ونَخُصَّه بها من دون آلهتنا، فلم يُنكِروا إلاَّ طَلَبَ الرُّسُلِ مِنْهُمْ إفرادَ العِبَادَة لله، وَلَمْ يُنكِروا اللهَ تَعَالَى، ولا قَالُوا إنه لا يُعبد، بل أَقَرُّوا بأنه يُعبد، وأَنكَرُوا كَوْنه يُفرَد بِالعِبَادَةِ، فعَبَدُوا مَعَ اللهِ غَيْرَه، وأَشرَكوا مَعَهُ سواه، واتَّخَذُوا لَهُ أندادًا،

****

الأَمْر الثَّانِي: أن هَذَا لا يكفي، ولا يُدخِلهم فِي الإِسْلاَم، ولا يُنقِذُهم من النَّار؛ أي: الإِقْرَار بتوحيد الرُّبُوبِيَّة.

قَوْله: «إِذْ هُم مُقِرُّون بِذَلِكَ»، كما قَالَ تَعَالَى عَنْهُم: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ [الزُّخْرُف: 87]، يُقِرُّون أَنَّ اللهَ هُوَ مَن خَلَقَهم.

قَوْله: «ولذا قَالُوا: ﴿أَجِئۡتَنَا لِنَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَحۡدَهُۥ [الأَعْرَاف: 70]؛ لكون الرُّسُل بُعثوا لتوحيد الألوهية؛ فقوم هُود عليه السلام قَالُوا لَهُ: ﴿أَجِئۡتَنَا لِنَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَحۡدَهُۥ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا [الأَعْرَاف: 70] دَلِيل عَلَى أن هُودًا عليه السلام دعاهم لِيَعبدوا الله وحده، وَلَمْ يَدْعُهم لتوحيد الرُّبُوبِيَّة.

قَوْله: «أي: لِنُفرِدَه بِالعِبَادَةِ ونَخُصَّه بها من دون آلهتنا»؛ ﴿قَالُوٓاْ أَجِئۡتَنَا لِنَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَحۡدَهُۥ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعۡبُدُ ءَابَآؤُنَا [الأَعْرَاف: 70] وَهَذَا مَعْنى لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ: نفيٌ وَإِثْبَاتٌ.

قَوْله: «فلم يُنكِروا إلاَّ طَلَبَ الرُّسُلِ مِنْهُمْ إفرادَ العِبَادَة لله»؛ هُم يَعبُدون الله، وَلَكِن يَعبدون مَعَهُ غَيْرَه، لِذَلِكَ لم يقولوا أجئتنا لِنَعْبُدَ اللهَ، بل قَالُوا: ﴿أَجِئۡتَنَا لِنَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَحۡدَهُۥ [الأعراف: 70]، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُم يَعبُدون الله، وَلَكِنَّهُم لا يَعبُدونه وحده، وَإِنَّمَا يُشرِكون مَعَهُ غَيره، وَالعِبَادَة إِذا دَخَلَها الشِّرْكُ بَطَلَت وحَبِطَت.


الشرح