وَإِذَا عرفتَ بطلان هَذَيْنِ الأَمْرَيْنِ علمتَ
أنَّ هَذِهِ أَحْوَال شيطانية وأفعالٌ طاغوتيَّةٌ، وَأَعْمَال إبليسيَّة، يفعلها
الشَّيَاطِين لإخوانهم مِن هَؤُلاَءِ الضَّالِّينَ؛ معاونةً من الفريقين عَلَى
إغواءِ العباد ([1]).
****
قَوْله:
«وهدمتَ بِذَلِكَ ضوابطَ الإِسْلاَم
وقواعد الدّين المبين والشرع المتين»؛ وَهَذَا ما يُرِيده الشَّيْطَان؛ يُرِيد
هدم الإِسْلاَم وإبطال التَّوْحِيد، وأن يحل مَحَلّه الشِّرْك، هَذَا ما يُرِيده
شَيَاطِين الإِنْس والجن، لَيْسَ شَيَاطِين الجِنّ فَقَط؛ بل مِن الإِنْس مَنْ
يَدْعون إِلَى هَذِهِ الأُمُور ويزينونها ويؤلفون الكتب فِيهَا ويحسنونها
لِلنَّاسِ، فهؤلاء شَيَاطِين أَيْضًا.
قَوْله:
«وأفعالٌ طاغوتيَّةٌ»؛ أي: أَحْوَال
طاغوتية وليست كرامات، وَإِنَّمَا هِيَ أَحْوَال شيطانية للابتلاء والامتحان.
قَوْله: «معاونةً من الفريقين عَلَى إغواءِ العباد»؛ كما قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا يَٰمَعۡشَرَ ٱلۡجِنِّ قَدِ ٱسۡتَكۡثَرۡتُم مِّنَ ٱلۡإِنسِۖ وَقَالَ أَوۡلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلۡإِنسِ رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ وَبَلَغۡنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيٓ أَجَّلۡتَ لَنَاۚ قَالَ ٱلنَّارُ مَثۡوَىٰكُمۡ خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٞ﴾ [الأَنْعَام: 128]، ﴿ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ﴾؛ فالجني استمتع بالأنسي بأن خضع لَهُ وعظَّمه، والأنسي استمتع بالجني بأن خدمه وأعانه عَلَى مطالبه، فكلٌّ مِنْهُمَا استمتع بالآخر، ﴿رَبَّنَا ٱسۡتَمۡتَعَ بَعۡضُنَا بِبَعۡضٖ وَبَلَغۡنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيٓ أَجَّلۡتَ لَنَاۚ﴾؛ هَذَا ما يَقُولُونَهُ يَوْم القِيَامَة إِذا سألهم الله سبحانه وتعالى فِي مَوْقِف القِيَامَة، بل إن الشَّيْطَانْ يَقُولَ لأهل النَّار: ﴿وَقَالَ ٱلشَّيۡطَٰنُ لَمَّا قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمۡ وَعۡدَ ٱلۡحَقِّ وَوَعَدتُّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُكُمۡۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيۡكُم مِّن سُلۡطَٰنٍ إِلَّآ أَن
الصفحة 1 / 231