×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

مَعَ أن فاعل الطَّاعَة ما قَصَدَ بها إلاَّ اللهَ تَعَالَى، وَإِنَّمَا أَرَادَ طَلَبَ المنزلة بالطاعة فِي قلوب النَّاس، فالمرائي عَبَدَ اللهَ لا غَيْرَهُ، لَكِنَّهُ خَلَطَ عِبَادَته بطلب المنزلة فِي قلوب النَّاس، فلم يَقبَل لَهُ عبَادَة وسمَّاها شركًا.

كما أَخْرَجَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللهُ تبارك وتعالى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» ([1]). بل سَمَّى اللهُ التَّسْمِيَةَ بعبد الحَارِث شِركًا، كما قَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّآ ءَاتَىٰهُمَا صَٰلِحٗا جَعَلَا لَهُۥ شُرَكَآءَ فِيمَآ ءَاتَىٰهُمَاۚ فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ [الأَعْرَاف: 190]؛

****

 يدخل عَلَى الصَّالِحِينَ إلاَّ من سلَّمه الله عز وجل. وَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الرِّيَاء، فَكَيْفَ فِي الشِّرْك الأَكْبَر وَعبَادَة القبور؟

وَالفَرْق بَيْنهما أن الشِّرْك الأَكْبَر يبطل جَمِيع الأَعْمَال، بينما الرِّيَاء يحبط العَمَل الَّذِي دَخَلَ فيه فَقَط، ولا يبطل بَقِيَّة الأَعْمَال، فصاحبه مؤمن، وَلَكِن خسر أَجر هَذَا العَمَل الَّذِي تعب فيه وخالطه الرِّيَاء.

قَوْله: «مَعَ أن فاعل الطَّاعَة ما قَصَدَ بها إلاَّ الله تَعَالَى»؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا [الكَهْف: 110]، لا شركًا أَكْبَر ولا شركًا أصغر.

الرِّيَاء شرك فِي المَقَاصِد والنيات، وَهُوَ يحبط العَمَل الَّذِي خالطه؛ لأنه شرك وخطره عَظِيم، الله جل وعلا يَقُول فِي الحَدِيث القدسي:


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2985).