فإن قلتَ: إنَّه قَد يتفق مَعَ هَؤُلاَءِ
الَّذِينَ يلوكون الجَلاَلَة، ويضيفون إِلَيْهَا عمل أهل الخلاعة والبطالة خوارقُ
عادات
****
﴿قُل لَّآ أَمۡلِكُ لِنَفۡسِي نَفۡعٗا وَلَا ضَرًّا
إِلَّا مَا شَآءَ ٱللَّهُۚ وَلَوۡ كُنتُ أَعۡلَمُ ٱلۡغَيۡبَ لَٱسۡتَكۡثَرۡتُ مِنَ
ٱلۡخَيۡرِ وَمَا مَسَّنِيَ ٱلسُّوٓءُۚ إِنۡ أَنَا۠ إِلَّا نَذِيرٞ وَبَشِيرٞ
لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ﴾
[الأَعْرَاف: 188]، هَذَا حَال الرَّسُول صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق، فَكَيْفَ
بغيره؟ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لا يملك لغيره نفعًا ولا ضرًّا، بل لا يملك
لِنَفْسِهِ نفعًا ولا ضرًّا؛ لأنه مخلوق عبدٌ لله سبحانه وتعالى، فَكَيْفَ بغيره؟
قَوْله:
«وَقَد صانَ اللهُ عز وجل رَسُوله صلى
الله عليه وسلم »؛ أي: صانه عَنْهُم وعن ألسنتهم، فَلاَ يلجؤون إِلَيْهِ ولا
يستغيثون به.
قَوْله:
«عَن إدخالهم فِي أفواه هَؤُلاَءِ
الجَهَلَة الضَّلاَل»؛ أي: الَّذِينَ يهتفون بِأَسْمَاء مَنْ يزعمون أَنَّهُم
أولياء، والله أعلم بحالهم، ولو كَانُوا أولياء لم يَجُزْ الالتجاء إِلَيْهِمْ؛
لأَِنَّهُم فقراء إِلَى الله، أموات لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا، فهم
بِحَاجَة إِلَى مَنْ يَدْعُو لَهُم ومَنْ يتصدق عَنْهُم، ومن يُهدي إِلَيْهِمْ
ثَوَاب عمل صالح ويستغفر لَهُم؛ فالميت بِحَاجَة إِلَى الحَيّ، وليس الحَيّ
بِحَاجَة إِلَى المَيِّت.
قَوْله:
«فيجمعون أنواعًا من الجَهْل والشرك والكفر»؛
فَهَذَا جهل لَيْسَ من العِلْم الشَّرْعِيّ، وَهُوَ شرك وكفر.
هَذِهِ
شُبْهَة أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهُم يَقُولُونَ: إن هَؤُلاَءِ الَّذِينَ نَحْنُ نلهج
بذكرهم ونلجأ إِلَيْهِمْ عِنْدَ الشَّدَائِد لَهُم كرامات وخوارق، والكرامة لا
تجري إلاَّ عَلَى يَد ولي، فهؤلاء أولياء، ولولا أَنَّهُم أولياء ما جرى لَهُم
تِلْكَ الخوارق والكرامات، فنحن نلجأ إِلَيْهِمْ لأَِنَّهُم أولياء الله،
الصفحة 1 / 231