هَذَا
لا يقولُه مَن إلْمَامٌ بِشَيْءٍ مِن المعارف، كَذَلِكَ سكوتُهم عَلَى هَذِهِ
الأَشْيَاء الصادرة من القبورِّيين.
فإن قلتَ: يَلزمُ
مِن هَذَا أنَّ الأمَّة قَد اجتمعت عَلَى ضَلاَلَة، حَيْثُ سكتت عَن إِنْكَارهَا
لِإِنْكَارِهَا لأعظم جَهَالَة.
****
قَوْله: «هَذَا لا يقولُه مَن
إلْمَامٌ بِشَيْءٍ مِن المعارف»؛ أي: لا يقوله عالم،
وَإِنَّمَا يقوله أَمَّا مغرض وَأَمَّا جاهل، وإلا فقد كَانَ المُسْلِمُونَ يصلون
خلف إمام واحد فِي عهد النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لما فتح مَكَّة، وفي
المَدِينَة فِي مَسْجِد الرَّسُول صلى الله عليه وسلم.
قَوْله:
«كَذَلِكَ سكوتُهم عَلَى هَذِهِ
الأَشْيَاء الصادرة من القبورِّيين»؛ أي: إِذا كَانَ هَذَا سائغًا، وَهُوَ
تَفْرِيق النَّاس عَلَى مذاهبهم، فليكن ما هُم عَلَيْهِ من بقائهم عَلَى عبَادَة
القبور والأضرحة دَلِيلاً عَلَى الجَوَاز، فإن جَاز هَذَا جَاز هَذَا.
قَوْله:
«فإن قلتَ: يَلزمُ مِن هَذَا أنَّ الأمَّة
قَد اجتمعت عَلَى ضَلاَلَة»؛ إِذا قَالَ المعترض: إنك تقول: إن النَّاس قَد
اجْتَمعُوا عَلَى ضَلاَلَة، والأمة لا تجتمع عَلَى ضَلاَلَة - وهذه شُبْهَة - فما
الجَوَاب عَنْهَا؟ فانتبه لها.
فالجواب
عَن ذَلِكَ: أن الإِجْمَاع هُوَ: اتِّفَاق عُلَمَاء العَصْر عَلَى حكم مَسْأَلَة
شرعية: أَمَّا بالتحليل، وَأَمَّا بِالتَّحْرِيمِ، وَأَمَّا بالإيجاب، قَالَ
سُبْحَانَهُ: ﴿وَمَن
يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ﴾ - هَذَا
محل الشَّاهِد - ﴿مِنۢ
بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلۡهُدَىٰ وَيَتَّبِعۡ غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ
نُوَلِّهِۦ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصۡلِهِۦ جَهَنَّمَۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا﴾ [النِّسَاء: 115]، وَقَوْله تَعَالَى: ﴿وَيَتَّبِعۡ
غَيۡرَ سَبِيلِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾
حجة
الصفحة 1 / 231
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد