×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

فصل

قَد عَرفْتَ من هَذَا كُلِّهِ أن من اعتَقَدَ فِي شجرٍ أو حجرٍ أو قبرٍ أو مَلَكٍ أو جنيٍّ أو حيٍّ أو ميتٍ أنه يَنفع أو يَضر، أو أنه يُقرِّب إِلَى الله، أو يَشفع عِنْدَهُ فِي حَاجَة من حوائج الدُّنْيَا بِمُجَرَّد التَّشَفُّع به والتَّوسُّل إِلَى الرَّبِّ تَعَالَى، إلاَّ ما وَرَدَ فِي حَدِيثٍ فيه مقالٌ فِي حَقِّ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بخصوصه أو نحو ذَلِكَ،

****

  قَوْله: «إلا ما ورد فِي حَدِيث فيه مقال فِي حَقّ نَبِيّنَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم »؛ هَذَا حَدِيث الأَعْمَى الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وغيره ([1])، وذكر ذَلِكَ شَيْخ الإِسْلاَم ابْن تيمية فِي كِتَابه «التوسل والوسيلة» ([2])، وَقَد تكلم فِيهَا وَأَطَالَ رحمه الله: أَنَّ رَجُلاً ضَرِيرَ البَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي قَالَ: «إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ، وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قَالَ: فَادْعُهْ، قَالَ: فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِيَ، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ»، وَمَعْنَاه أنه يتشفع ويتوسل بِدُعَاء الرَّسُول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قَالَ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم: «ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي». وطلب الدُّعَاء من الحَيّ الحَاضِر - من النَّبِيّ أو من غَيره - لا بَأس به، كما طلب عمر رضي الله عنه من العَبَّاس رضي الله عنهما أن يستسقي ويدعو الله لِلْمُسْلِمِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه، كَانَ إِذَا قَحَطُوا


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (3578)، والنسائي في «الكبرى» رقم (10420)، وأحمد رقم (17240).

([2])  ص (201).