فبَعَثَ
اللهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يدعوهم إِلَى عبَادَة الله وحده، بأن
يُفرِدوه بِالعِبَادَةِ كما أَفرَدُوه بالربوبية؛ أي: بربوبية السَّمَوَات
وَالأَرْض، وأن يُفرِدوه بِمَعْنَى ومؤدَّى كَلِمَة «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»
وحده،
****
قَوْله:
«وَمِنْهُم من يَعبد الكواكب، ويَهتف بها
عِنْدَ الشَّدَائِد»، كقوم النمرود الَّذِينَ بُعِثَ إِلَيْهِمْ الخَلِيل عليه
السلام، وَأَرْض النمرود فِي العِرَاق، فِي أَرْض بَابِل، بُعِثَ إِلَيْهِمْ
الخَلِيلُ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام ودعاهم إِلَى الله، وأَنكَرَ عَلَيْهِمْ،
وحَطَّمَ أصنامهم، وفي النهاية أَلْقَوْهُ فِي النَّار، وَقَالُوا: ﴿حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوٓاْ
ءَالِهَتَكُمۡ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ﴾
[الأَنْبِيَاء: 68]، فنَجَّاه اللهُ من النَّار ﴿قُلۡنَا يَٰنَارُ كُونِي بَرۡدٗا وَسَلَٰمًا عَلَىٰٓ
إِبۡرَٰهِيمَ﴾ [الأَنْبِيَاء: 69]، ثُمَّ
هَاجَرَ إِلَى الشَّام، وهَاجَرَ بِبَعْض ذُرِّيَّته إِلَى الحِجَاز وهم
إِسْمَاعِيل وأُمُّهُ بِأَمْر الله سبحانه وتعالى، قَالَ: ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهۡدِينِ﴾ [الصَّافَات: 99]، هَذِهِ هِجْرَة إِبْرَاهِيم عليه
السلام.
قَوْله: «فبعَثَ الله مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يدعوهم إِلَى عبَادَة الله وحده بأن يُفرِدوه بِالعِبَادَةِ»، ونبينا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم بُعث فِي قومٍ يُصَلون ويصومون ويحجون ويعتمرون ويتعبدون بِبَعْض عِبَادَات الحَنِيفِيَّة من دين إِبْرَاهِيم عليه السلام، وَلَكِن خَلَطُوها بالشرك بالله عز وجل، فصاروا يَعبدون الله ويَعبدون مَعَهُ الأَصْنَام والأحجار والأشجار، فبَعَثَ الله مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يدعوهم إِلَى التَّوْحِيد، فَكَانَ ما كَانَ مِنْهُمْ، وانتهى الأَمْر بنصرة الإِسْلاَم وَالمُسْلِمِينَ، وَلَكِن لا يزال فِي المُسْلِمِينَ من شَيَاطِين الإِنْس والجن ومن الجُهَّال من يحاول دَفْنَ هَذِهِ العَقِيدَة، ولا يستسيغ ذِكر التَّوْحِيد أَبَدًا؛ بل يَكره التَّوْحِيد ويَكره من يَدْعُو إِلَيْهِ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ بِاللهِ، وهذه مكيدة من الشَّيْطَان.
الصفحة 1 / 231