ولذا أنزل الله تَعَالَى فِي قِصَّته: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ﴾ الآيَة:
[النِّسَاء: 94]، فأمرهم الله تَعَالَى بالتثُّبت في شأن مَن قَالَ كَلِمَة التَّوْحِيد،
فإن تبيَّن التزامُه لِمَعْنَاهَا كَانَ لَهُ ما لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ ما
عَلَيْهِمْ، وإن تبيَّن خِلاَفه لَم يحقن بِمُجَرَّد اللَّفْظ ماله ودمه.
****
قَوْله:
«فَكَيْفَ مَنْ يجعل لله ندًّا؟!»؛
أي: شريكًا وهم القبوريون.
قَوْله:
«فإن قلتَ: قَد أنكر صلى الله عليه وسلم
عَلَى أسامة قَتله لِمنَ قَالَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، كما هُوَ مَعْرُوف
فِي كتب الحَدِيث والسير»؛ هَذَا سبق أن أجبنا عَنْهُ، وسيجيب عَنْهُ المُؤَلِّف؛
لأن أهل الشَّرّ يتلمسون الشُّبُهَات، ويتمسكون بِالآيَاتِ وَالأَحَادِيث المشتبهات،
ويُلبِّسون بها عَلَى النَّاس، وَهِيَ لَيْسَت لَهُم بل هِيَ عَلَيْهِمْ.
قَوْله:
«قلتُ: لا شكَّ أنَّ مَن قَالَ: «لاَ
إِلَهَ إلاَّ اللهُ» من الكُفَّار حَقَنَ دمَه ومالَه حَتَّى يتبيَّن مِنْهُ
ما يُخالف ما قاله»؛ فمن قَالَهَا دَخَلَ فِي الإِسْلاَم وعومل مُعَامَلَة
المُسْلِمِينَ، فَكَانَ الوَاجِب عَلَى أسامة رضي الله عنه أن يكفَّ عَنْهُ،
حَتَّى يتبين مِنْهُ ما يخالف ذَلِكَ، فَإِذَا تبين مِنْهُ ما يخالف ذَلِكَ حُكم
بردته، ويُجرى عَلَيْهِ أَحْكَام المُرْتَدّ.
قَوْله:
«ولذا أنزل الله تَعَالَى فِي قِصَّته: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُوٓاْ إِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ﴾ الآيَة: [النِّسَاء: 94] جَاءَ فِي تفسير الآيَة وَسَبَب نزولها أن جَمَاعَة من
الصَّحَابَة كَانُوا فِي غزوة أو فِي سرية، فَجَاءَ رَجُل من المشركين مَعَهُ
غنيمة يسوقها، فَأَرَادُوا قَتله، فَقَالَ: «السَّلاَم عَلَيْكُم»،
فظنوا أنه يتعوذ بِذَلِكَ فقتلوه وَأخذُوا الغَنَم،
الصفحة 1 / 231