×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ قَوْلهم: لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ، فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَيْلَكُمْ، قَدْ قَدْ» ([1])  أي: أَفرِدُوه جل جلاله لَو تَرَكُوا قَوْلَهُم: «إلاَّ شَرِيكًا هُوَ لَكَ»، فنفس شِركهم بالله تَعَالَى إقرارٌ به.

قَالَ تَعَالَى: ﴿أَيۡنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ [الأَنْعَام: 22]، ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ شُرَكَآءَكُمۡ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ [الأَعْرَاف: 195]، فنفس اتخاذ الشُّرَكَاء إقرارٌ بالله تَعَالَى، وَلَمْ يَعبُدوا الأَنْدَادَ بالخضوع لَهُم والتقرُّب بالنذور والنحر لَهُم؛ إلاَّ لاِعْتِقَادِهِم أنها تُقرِّبهم إِلَى الله زُلْفَى وتَشفَع لَهُم لديه.

****

«إِلاَّ شَرِيكًا هُوَ لَكَ»؛ أي: معبوداتهم، يَقُولُونَ: هِيَ مِن عبادك وَنَحْنُ نَعبُدها لِتُقرِّبنا إِلَيْك زُلْفَى، ولِتَشْفَعَ لَنَا عِنْدَكَ، هَذِهِ حُجَّتُهم.

قَوْله: «وَكَانَ يَسمَعُهم النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ قَوْلهم: «لاَ شَرِيكَ لَكَ» فيقول: «قَدْ قَدْ»»، يَعْنِي: يكفي، لا تَزِيدوا عَلَى هَذَا.

قَوْله: «فنفس شِركهم بالله تَعَالَى إقرارٌ به تَعَالَى»؛ لأَِنَّهُم يَعتقدون أَنَّ اللهَ يُعبد، وَلَكِن لا يُقتصر عَلَى عِبَادَته بل يُعبد مَعَهُ غَيْرُه؛ لأَِنَّهُم قَالُوا: «لاَ شَرِيكَ لَكَ، إلاَّ شَرِيكًا هُوَ لَكَ»، وتناقَضوا، فَقَالُوا فِي الأَوَّل: «لاَ شَرِيكَ لَكَ»، ثُمَّ قَالُوا: «إِلاَّ شَرِيكًا هُوَ لَكَ»، وَهَذَا تناقُضٌ بَيِّنٌ.

قَوْله تَعَالَى: ﴿أَيۡنَ شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ [الأَنْعَام: 22]؛ يَعْنِي: يَوْم القِيَامَة يَقُول الله لَهُم: أين شركاؤكم الَّذِينَ كنتم تزعمونهم فِي الدُّنْيَا؟ أين ذَهَبُوا؟ هَل يُخلِّصُونكم الآنَ؟ لا يُخلِّصونكم الآنَ من


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1185).