فصل
إِذا عَرَفْتَ
هَذِهِ الأُصُول فَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ العِبَادَة لَهُ أنواعًا:
اعتقادية: وَهِيَ أساسها، وَذَلِكَ أن يَعتَقِد أنه الرَّبّ الوَاحِد الأَحَد
الَّذِي لَهُ الخَلق والأمر، وبيده النَّفْع والضَّرُّ، وأنه الَّذِي لا شريك
لَهُ، ولا يَشفع عِنْدَهُ أَحَد إلاَّ بِإِذْنِهِ، وأنه لا معبود بِحَقّ غَيره،
وغير ذَلِكَ من لوازم الإِلَهِيَّة.
ومنها لفظية:
وَهِيَ النطق بِكَلِمَة التَّوْحِيد، فمن اعتَقَدَ ما ذُكِرَ وَلَمْ يَنطق بها لم
يَحقِن دمه، ولا ماله، وَكَانَ كإبليس، فإنه يَعتَقِد التَّوْحِيد، بل ويُقِرُّ به
كما أسلفناه عَنْهُ، إلاَّ أنه لم يمتثل أَمْرَ الله بِالسُّجُودِ فكَفَرَ، ومن
نَطَقَ بها وَلَمْ يَعتَقِدْ حُقِنَ مَالُهُ وَدَمُهُ وحسابه عَلَى الله، وحُكْمُهُ حُكْمُ المنافقين.
****
قَوْله:
«وحسابه عَلَى الله»؛ أي: مَن كَانَ
يَقُولُها بِلِسَانِهِ ولا يُقِرُّ بها فِي قلبه كالمنافقين، فنحن لَيْسَ لَنَا
إلاَّ الظَّاهِر، ونُجري الأَحْكَام عَلَى الظَّاهِر؛ وَلِهَذَا قَالَ: «وحسابه عَلَى الله»؛ يَعْنِي: فِي
البَاطِن حسابه عَلَى الله، ولكننا نَكُفُّ عَنْهُ فِي الظَّاهِر، هَذَا هُوَ
الَّذِي عَلَيْهِ أهل السنة وَالجَمَاعَة، نَحْنُ لا نُفتِّش عَن عَقَائِد القلوب
والنيات؛ لأنه لا يَعلمها إلاَّ الله سبحانه وتعالى، فَلَيْسَ لَنَا إلاَّ ما
ظَهَرَ، فمَن أَظْهَرَ خَيْرًا قَبِلْنَاه مِنْهُ، ومن أَظْهَرَ شَرًّا حَكَمْنَا
عَلَيْهِ به. وَأَمَّا الَّذِينَ يَقُولُونَ: لاَ بُدَّ أن نَبحَث فِي النيات
والمقاصد، فَهَلْ نَحْنُ نَعلم عَن النيات والمقاصد؟ هَذِهِ من اختصاص الله عز وجل،
لا يَعلمها إلاَّ الله.
الصفحة 1 / 231
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد