×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

فمن شَأْن مَن أَقَرَّ لله تَعَالَى بتوحيد الرُّبُوبِيَّة أن يُفرده بتوحيد العِبَادَة، فَإِذَا لَمْ يفْعَل ذَلِكَ فالإقرار الأَوَّل بَاطِل.

وَقَد عَرِفُوا ذَلِكَ وهم فِي طبقات النَّار، فَقَالُوا: ﴿تَٱللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ ٩٧إِذۡ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٩٨ [الشُّعَرَاء: 97، 98]،

****

 حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ، فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالَهُ، إلاَّ بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ» ([1]). فَقَوْل: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللَّهُ» لا يكفي بالتلفظ فَقَط، بل يقولونها ويقرون بها ويعملون بها، هَذَا هُوَ المطلوب.

قَوْله: «لأَِنَّهُ نَافَاهُ فِعْلُهُمْ»؛ فتناقضوا، يقرون بأنه هُوَ الرَّبّ ويشركون مَعَهُ غَيره، وَهَذَا تناقُضٌ؛ إقرار من وجهٍ وَإِنْكَار من وَجْهٍ.

قَوْله: «فَلَمْ يَنْفَعْهُمُ الإِقْرَارُ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ»؛ لأن تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة أَكْثَر العَالم مُقِرُّون به، حَتَّى إِبْلِيس قَالَ: ﴿رَبِّ بِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي [الحجر: 39]، وَقَالَ: ﴿فَبِعِزَّتِكَ [ص: 82]، حلف بعزة الله، فَهُوَ مقر بالرب سبحانه وتعالى.

قَوْله: «فَمِنْ شَأْن مَن أَقَرَّ لله تَعَالَى بتوحيد الرُّبُوبِيَّة أن يُفرِدَه بتوحيد العِبَادَة»؛ الإِقْرَار بتوحيد الرُّبُوبِيَّة يستلزم الإِقْرَار بتوحيد الألوهية، والإقرار بتوحيد الألوهية يتضمن الإِقْرَار بتوحيد الرُّبُوبِيَّة، وهذه العلاقة لازمة بَين نوعي التَّوْحِيد، فتوحيد الرُّبُوبِيَّة يستلزم تَوْحِيد الألوهية، وتوحيد الألوهية يتضمن تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (25)، ومسلم رقم (22).