قَوْله: «فَإِذَا لَمْ يَفْعَل ذَلِكَ
فالإقرار الأَوَّل بَاطِل»؛ لأنه لم يأت باللازم، بل أقر بالملزوم وَلَمْ يأت
بلازمه، فالإقرار إِذن بَاطِل.
قَوْله:
«وَقَدْ عَرِفُوا ذَلِكَ»؛ يَعْنِي
سيعرفونه فِي المستقبل إِذا دخلوا فِي النَّار، يَقُولُونَ: ﴿تَٱللَّهِ إِن
كُنَّا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ﴾
[الشعراء: 97]؛ يَعْنِي: فِي الدُّنْيَا، ﴿إِذۡ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [الشعراء: 98]؛ يَقُولُونَ لمعبوداتهم الَّتِي تُلقى
معهم فِي النَّار، وَكَذَا يَقُولُونَ لدعاة الضَّلاَل الَّذِينَ دعوهم إِلَى
الشِّرْك ودخلوا معهم النَّار:﴿تَٱللَّهِ﴾؛
هَذَا قسم، ﴿إِن
كُنَّا﴾؛ يَعْنِي: فِي الدُّنْيَا، ﴿لَفِي ضَلَٰلٖ
مُّبِينٍ﴾ [الشعراء: 97]؛ بَيِّن
وَاضِح، وَلَكِنَّهُ لم يتبين لَهُم إلاَّ وهم فِي النَّار، وَهَذَا لا ينفعهم، ﴿إِذۡ
نُسَوِّيكُم﴾؛ يَعْنِي: نعادلكم، ﴿بِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾، فِي أي شَيْء يسوونهم؟ يسوونهم فِي العِبَادَة، قَالَ
تَعَالَى: ﴿ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ﴾
[الأَنْعَام: 1]؛ أي: يسوون غَيره به سبحانه وتعالى وَقَد اعْتَرَفُوا وَقَالُوا: ﴿وَمَا
أَضَلَّنَا﴾ هَل الرُّسُل أضلوهم؟ لا، ﴿وَمَآ أَضَلَّنَآ
إِلَّا ٱلۡمُجۡرِمُونَ﴾
[الشُّعَرَاء: 99] المجرمون: دعاة الضَّلاَل من شَيَاطِين الجِنّ والإنس، أضلوهم
عَن الحَقّ وعن دعوة الرُّسُل، ﴿فَمَا لَنَا مِن شَٰفِعِينَ﴾
[الشُّعَرَاء: 100]، فَلاَ أَحَد يشفع لَهُم فِي إِخْرَاجهم من النَّار؛ لأن
المُشْرِك لا تُقبل فيه الشَّفَاعَة أَبَدًا، ﴿فَمَا تَنفَعُهُمۡ شَفَٰعَةُ ٱلشَّٰفِعِينَ﴾ [المُدَّثِّر: 48]، ﴿مَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ حَمِيمٖ وَلَا شَفِيعٖ يُطَاعُ﴾ [غَافِر: 18]،﴿فَمَا لَنَا مِن شَٰفِعِينَ ١٠٠وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٖ ١٠١فَلَوۡ
أَنَّ لَنَا كَرَّةٗ فَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ١٠٢﴾
[الشُّعَرَاء: 100، 102]؛ يَعْنِي: رَجْعَة إِلَى الدُّنْيَا، ﴿فَنَكُونَ مِنَ
ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾، يتمنون المستحيل، فالترجي
يَكُون للممكن، أَمَّا التَّمَنِّي فَهُوَ للمستحيل.