وَمِنْهُم مَن يَعبُد أَحْجَارًا ويَهتف بها
ويُنادِيها عِنْدَ الشَّدَائِد، وَهِيَ فِي الأَصْل صُوَرُ رِجَال صالحين كَانُوا
يُحِبُّونهم ويَعتقدون فِيهِم، فَلَمَّا هَلَكُوا صَوَّروا صُوَرَهُم تَسَلِّيًا
بها، فَلَمَّا طال عَلَيْهِمْ الأَمَد عَبَدُوهم، ثُمَّ زَادَ الأَمَد طُولاً
فعَبَدُوا الأحجارَ،
****
الأَهْوَاء والرغبات؛ فَمِنْهُم من يَعبُد
الشَّمْس والقمر، وَمِنْهُم من يَعبُد الكواكب، وَمِنْهُم مَن يَعبُد الأَشْجَار
والأحجار، وَمِنْهُم من يَعبُد الجِنَّ والإنسَ، وَمِنْهُم مَن يَعبُد
الشَّيْطَانَ، وَمِنْهُم مَن يَعبُد الملائكةَ، وَمِنْهُم مَن يَعبُد
الصَّالِحِينَ والأولياء، وَمِنْهُم مَن يَعبُد الأَنْبِيَاء... فهم متفرقون فِي
عِبَادَاتهم، لا فَرْقَ بينهم؛ فكلهم مشركون، وكلهم جاهَدَهم رَسُولُ الله صلى
الله عليه وسلم، وقاتَلَهُم وَلَمْ يُفرِّق بينهم؛ فلم يُفرِّق بَين مَن عَبَدَ
صنمًا أو عَبَدَ نبيًّا أو وَلِيًّا، كلهم مشركون وَقَد قاتَلَهُم جَمِيعًا.
والله
جل وعلا حينما ذَكَرَ يُوسُفَ عليه السلام حينما دَعَا أَصْحَابَ السِّجْن إِلَى
عبَادَة الله قَالَ لَهُم: ﴿يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ ءَأَرۡبَابٞ مُّتَفَرِّقُونَ خَيۡرٌ
أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ ٣٩مَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِهِۦٓ إِلَّآ أَسۡمَآءٗ
سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ
إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُۚ ذَٰلِكَ
ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٤٠﴾ [يُوسُف: 39، 40]؛ أي: أنتم اخْتَرَعْتُمُوهَا وَلَيْسَ
لَهَا أَصْلٌ، ﴿أَنتُمۡ
وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ﴾؛ أي: من غير حجة ولا دَلِيل.
قَوْله:
«وَمِنْهُم مَنْ يَعْبُدُ أَحْجَارًا
وَيَهْتِفُ بِهَا وَيُنَادِيهَا عِنْدَ الشَّدَائِدِ»، كاللات والعزى ومناة.
الصفحة 1 / 231