بل ترى مَن يتَّسِم بالعلمِ، ويَدَّعِي الفضلَ،
وينتصب للقضاء والفتيا والتدريس، أو الوِلاَيَة أو المعرفة أو الإِمَارَة
والحكومة، ومعظِّمًا لِمَا يُعظِّمونه، مُكرمًا لِما يكرمونه، قابضًا للنذور،
آكلاً ما يُنحر عَلَى القبور، فيَظنُّ العَامَّة أنَّ هَذَا دينُ الإِسْلاَم،
وأنَّه رأسُ الدّين والسَّنَام.
****
ويذكر
عِنْدَهُم عظماء الكُفَّار وسيرهم وأقوالهم، ولا يُذكر لَهُم أَئِمَّة الإِسْلاَم،
ولا سير أَئِمَّة الإِسْلاَم ولا دعوة أهل التَّوْحِيد.
قَوْله:
«فنشأ عَلَى هَذَا الصَّغِير، وشاخَ عَلَيْهِ
الكَبِير، ولا يسمعون مِن أَحَد عَلَيْهِمْ من نكير»؛ لأنه تأصَّل فِي نفوسهم،
وتربوا عَلَيْهِ، فَإِذَا جئت تنكر عَلَيْهِمْ أنكروا عَلَيْك، وَقَالُوا: أَنْت
الضَّالّ، وأنت المخالف، أَنْت من الخَوَارِج!
قَوْله:
«بل ترى مَن يتَّسِم بالعلمِ، ويَدَّعِي الفضلَ»؛
وَهَذَا أشد، أن يَتَوَلَّى هَذَا الأَمْر السَّيِّئ مَنْ ينتسب إِلَى العِلْم،
ويوجه النَّاس إِلَيْهِ.
قَوْله:
«وينتصب للقضاء والفتيا والتدريس، أو
الوِلاَيَة أو المعرفة أو الإِمَارَة والحكومة، ومعظِّمًا لِمَا يُعظِّمونه»؛
فالذين وقفوا فِي وجه شَيْخ الإِسْلاَم ابْن تيمية هُم رؤوساء القضاة والمفتون،
كما تجدون هَذَا فِي مناظراته معهم رحمه الله حَتَّى سجنوه، فقد سجنوا شَيْخ
الإِسْلاَم عدة مرات ومنعوا عَنْهُ الكتب، ومنعوا عَنْهُ الأوراق والأقلام؛ لأنه
كَانَ يشتغل وَهُوَ فِي السّجْن ويكتب، فَلَمَّا منعوا ذَلِكَ صَارَ يكتب عَلَى
جدران السّجْن بالفحم، من حبه لنشر الخَيْر، وفي الحَقِيقَة ما ضرّه هَذَا، ولا
ضرّ دعوته، فانتشرت دعوته - ولله الحَمْد - وخاب هَؤُلاَءِ،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد