فأَرسَلَ اللهُ الرُّسُلَ تَأمُرهم بِتَركِ
عبَادَة كل ما سواه، وتُبَيِّن أن هَذَا الاِعْتِقَاد الَّذِي يَعتقدونه
الأَنْدَاد بَاطِل، وأن التَّقَرُّب إِلَيْهِمْ بَاطِل، وأن ذَلِكَ لا يَكُون
إلاَّ لله وحده، وَهَذَا هُوَ تَوْحِيد العِبَادَة.
وَقَد كَانُوا
مُقِرِّين - كما عَرَفْتَ فِي الأَصْل الرَّابِع - بتوحيد الرُّبُوبِيَّة، وَهُوَ:
أَنَّ اللهَ هُوَ الخَالِق وحده والرازق وحده.
ومن هَذَا تَعرِفُ
أن التَّوْحِيد الَّذِي دَعَتهُم إِلَيْهِ الرُّسُل من أولهم وَهُوَ نُوح عليه
السلام إِلَى آخِرهم، وَهُوَ مُحَمَّد بْن عَبْد اللهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ
تَوْحِيد العِبَادَة؛
****
الله جل وعلا لا يَعلم حَتَّى يَحتاج إِلَى
أَحَد يُبلِّغه عَن حوائج النَّاس؟! هَل الله جل وعلا لا يجيب الدُّعَاء إلاَّ بواسطةٍ
تتوسط عِنْدَهُ؟! وَهُوَ الَّذِي يَقُول: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ﴾ [غَافِر: 60].
قَوْله:
«وتُبيِّن أن هَذَا الاِعْتِقَاد الَّذِي
يعتقدونه الأَنْدَاد بَاطِل»؛ أي: اعْتِقَادهم أَنَّهُم شفعاء، وأنهم وسطاء
وأنهم وسائل إِلَى الله، تُبيِّن لَهُم أن هَذَا بَاطِل وأنه لا ينفعهم شَيْئًا
عِنْدَ الله عز وجل.
قَوْله:
«وأن التَّقَرُّب إِلَيْهِمْ بَاطِل، وأن
ذَلِكَ لا يَكُون إلاَّ لله وحده»، فَهَذَا حَقّ لله وحده، لا يُشرَك مَعَهُ
غَيْرُه فيه.
قَوْله:
«وَهَذَا هُوَ تَوْحِيد العِبَادَة»،
هَذَا مَعْنى تَوْحِيد الألوهية، فَمَعْنَاه: أن العِبَادَة لله وحده، وأنه لا
يُشرَك مَعَهُ فِيهَا غَيره سبحانه وتعالى.
قَوْله: «وَقَد كَانُوا مُقِرِّين - كما عَرَفْتَ فِي الأَصْل الرَّابِع - بتوحيد الرُّبُوبِيَّة»؛ أي: المُشْرِكُونَ، وَالأَصْل الرَّابِع هُوَ من الأُصُول الَّتِي
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد