فإن قلت: الاستغاثة قَد ثَبَتَت فِي الأَحَادِيث،
فإنَّه قَد صَحَّ أنَّ العباد يَوْم القِيَامَة يستغيثون بِآدَمَ أبي البشر، ثُمَّ
بنوحٍ، ثُمَّ بِإِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ بموسى، ثُمَّ بعيسى، وينتهون إِلَى مُحَمَّد
صلى الله عليه وسلم بعد اعتذار كلِّ واحد من الأَنْبِيَاء، فَهَذَا دَلِيل عَلَى
أنَّ الاِسْتِعَانَة بِغَيْر الله لَيْسَت بمنكر.
****
فواجبكم
الدَّعْوَة إِلَى الله، وَأَمَّا القِتَال فَهُوَ من حَقّ ولاة الأُمُور، ومن حَقّ
الأَئِمَّة، أَمَّا أنتم فواجبكم الدَّعْوَة إِلَى الله والبيان.
قَوْله:
«فَإِذَا أَبَانَ العُلَمَاء ذَلِكَ
للأئمَّة والملوك، وجب عَلَى الأَئِمَّة والملوك بعثُ دعاةٍ إِلَى النَّاس يدعونهم
إِلَى إِخْلاَص التَّوْحِيد لله، فمن رجع وأقرَّ حقن عَلَيْهِ دمه وماله وذراريه، ومن
أصرَّ فقد أَبَاحَ الله مِنْهُ ما أَبَاحَ لرسوله صلى الله عليه وسلم من المشركين»؛
فَالقِتَال من حَقّ الأَئِمَّة، وَلَيْسَ من حَقّ الأفْرَاد، فَلاَ يَأْخُذ من
شَاءَ سِلاَحه ويقاتل! بل هَذَا من حَقّ الأَئِمَّة، أَمَّا الدَّعْوَة فَهِيَ من
حَقّ العُلَمَاء.
هَذِهِ
شُبْهَة أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهُم يَقُولُونَ: إن أهل المحشر
يستغيثون بِآدَمَ، وأولي العَزْم من الرُّسُل؛ من أجل أن يطلبوا من الله أن يخلصهم
من المَوْقِف، فَهَذَا يدل عَلَى أن الاستغاثة بالميت جَائِزَة. فنقول: هَذِهِ
مغالطة؛ فالاستغاثة بالحي فِيمَا يقدر عَلَيْهِ جَائِزَة، وَالأَنْبِيَاء فِي
ذَلِكَ المَوْقِف أحْيَاء يقدرون عَلَى دُعَاء الله، وَعَلَى الشَّفَاعَة لأهل
المَوْقِف، أَمَّا الاستغاثة الَّتِي نعنيها، فَهِيَ الاستغاثة بالأموات الَّذِينَ
لا يقدرون عَلَى شَيْء.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد