×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

وَإِذَا تَقرَّرَت هَذِهِ الأُمُور ([1])، فَاعْلَمْ: أَنَّ اللهَ تَعَالَى بَعَثَ الأَنْبِيَاءَ - عَلَيْهِمُ الصَّلاَة وَالسَّلاَم - من أولهم إِلَى آخِرهم يَدْعُون العباد إِلَى إفراد الله تَعَالَى بِالعِبَادَةِ، لا إِلَى إِثْبَات أنه خَلَقَهم ونحوه؛ إِذ هُم مُقِرُّون بِذَلِكَ، كما قَرَّرْنَاه وكَرَّرْنَاه، ولذا قَالُوا: ﴿أَجِئۡتَنَا لِنَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَحۡدَهُۥ [الأَعْرَاف: 70]،

****

 قَوْله: «فِي الأَمْوَال والأبدان والأفعال والأقوال كَثِيرَة»؛ وَلِهَذَا قَالَ شَيْخ الإِسْلاَم ابْن تيمية رحمه الله: العِبَادَة: اسم جَامع لكل ما يحبه الله ويرضاه: من الأَقْوَال وَالأَعْمَال الباطنة وَالظَّاهِرَة ([2])، هَذَا تعريف جَامع.

قَوْله: «لَكِن هَذِهِ أمهاتها»؛ أي: هَذِهِ الأَرْبَع أمهاتها، ترجع إِلَيْهَا.

قَوْله: «وَإِذَا تَقَرَّرَت هَذِهِ الأُمُور...»؛ أي: إِذا عَرفْتَ هَذَا فاعْلَمْ أن الأَنْبِيَاء مِن أَوَّلِهم إِلَى آخِرِهم بُعِثُوا بالدعوة إِلَى تَوْحِيد العِبَادَة، أَمَّا تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة فَهَذَا مَوْجُود فِي الفِطَر ويُقِرُّون به، ولا يكفي لِدُخُولِهِم فِي الإِسْلاَم، ولا لعصمة دمائهم وأموالهم، وَهَذَا شَيْء مَعْرُوف ومُتَقَرِّرٌ.

قَوْله: «لا إلى إِثْبَات أنه خَلَقَهم ونحوه»؛ أي: لم يَبعَثْهُم بتوحيد الرُّبُوبِيَّة؛ لأَِمْرَيْنِ:

الأَمْر الأَوَّل: أن هَذَا مَوْجُود فِي النَّاس، فَكَيْفَ يُدْعَون إِلَى شَيْء مَوْجُود.


الشرح

([1])  مجموع الفتاوى (10/149).

([2])  في بعض النسخ: الأصول.