وَهَكَذَا كلُّ من أَظْهر التَّوْحِيد وجب الكَفّ
عَنْهُ إلاَّ أن يتبين مِنْهُ ما يخالف ذَلِكَ، وَلَمْ تنفع هَذِهِ الكَلِمَة
بمجردها اليهود، ولا نفعت هَذِهِ الكَلِمَة الخَوَارِج مَعَ ما انضمَّ إِلَيْهَا
من العِبَادَة الَّتِي كَانَ يحتقر الصَّحَابَة رضي الله عنهم عِبَادَتهم إِلَى
جنبها، بل أمر صلى الله عليه وسلم بقتلهم: وَقَالَ: «لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ
لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ».
****
قَوْله:
«وَهَكَذَا كلُّ من أَظْهر التَّوْحِيد
وجب الكَفّ عَنْهُ إلاَّ أن يتبين مِنْهُ ما يخالف ذَلِكَ»؛ وهؤلاء تبيَّن
مِنْهُمْ ما يخالف التَّوْحِيد، وَهُوَ عبَادَة غير الله من الأَمْوَات؛ فالمشركون
يعبدون الأَصْنَام والأحجار والأشجار، وهؤلاء يعبدون القبور والأضرحة ما الفَرْقُ
بَيْنَهما، أَلَيْس كله عبَادَة لغير الله؟، والله لا يرضى أن يُشرك مَعَهُ أَحَد،
﴿وَلَا
تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ﴾
[النِّسَاء: 36].
قَوْله:
«وَلَمْ تنفع هَذِهِ الكَلِمَة بمجردها
اليهود»؛ أي: لم تنفع هَذِهِ الكَلِمَة اليهود وهم ينكرون نبوة عيسى ومحمد
عَلَيْهِمَا الصَّلاَة وَالسَّلاَم، وَلَمْ تنفع أهل اليمامة؛ لأَِنَّهُم اعتقدوا
نبوة مسيلمة الكذاب، فجعلوه نبيًّا شريكًا لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فلم
تنفعهم «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ».
قَوْله:
«ولا نفعت هَذِهِ الكَلِمَة الخَوَارِج»؛
بل قاتلهم الصَّحَابَة وهم يُصلُّون ويصومون، بل هُم أشد النَّاس صلاةً وصيامًا
وتعبدًا وذكرًا لله وتلاوة للقرآن، حَتَّى إن الصَّحَابَة يحقرون أَعْمَالهم إِلَى
هَؤُلاَءِ، وَلَكِن لما نحلوا هَذِهِ النحلة وَهِيَ الخُرُوج عَلَى المُسْلِمِينَ
واستباحة دماء المُسْلِمِينَ وأموالهم، وَالخُرُوج عَلَى ولي الأَمْر وشق عصا
الطَّاعَة، أمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بقتالهم. ومن العُلَمَاء من يكفرهم،
وَمِنْهُم من لا يكفرهم،
الصفحة 1 / 231