وَقَد كَانَ الصَّحَابَة رضي الله عنهم يطلبون
الدُّعَاء مِنْهُ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ حي، وَهَذَا أمرٌ متفق عَلَى جوازه،
وَالكَلاَم فِي طلب القبوريِّين من الأَمْوَات أو من الأَحْيَاء الَّذِينَ لا
يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًّا، ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا أن يشفوا مرضاهم،
****
والأموات، فَدُعَاء المُسْلِمِينَ بَعْضهم
لِبَعْض مَشْرُوع، وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَاءَ فِي حَدِيث الشَّفَاعَة فِي المحشر
فَلاَ حجة فيه للخرافيين.
وَقَوْله
تَعَالَى: ﴿رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ
لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ﴾ [الحَشْر: 10]؛ أي: كل من سبقك من الأَوَّلين؛ القريبين
والبعيدين تستغفر لَهُم، لا سيما صَحَابَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
قَوْله:
«وَقَد قَالَت أم سُليم»؛ هِيَ أم
سليم بنت ملحان زَوْج أبي سليم، أم أَنَس بْن مالك رضي الله عنه، جَاءَت إِلَى النَّبِيّ
صلى الله عليه وسلم بِابْنِهَا أَنَس رضي الله عنه وَهُوَ صَغِير قَد بلغ سنَّ
التَّمْيِيز قَالَت: «هَذَا أَنَس يخدمك
يا رَسُول الله» فَصَارَ أَنَس خادمًا لِرَسُول صلى الله عليه وسلم حَتَّى
مَاتَ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يخدمه، وطلبت من الرَّسُول أن يَدْعُو
الله لَهُ، فَدَعَا لَهُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بأن يطيل الله عمره، وأن
يكثر ذُرِّيَّته، فطال عمره وَكَانَ أطول الصَّحَابَة عمرًا، وكثرت ذُرِّيَّته،
رضي الله تَعَالَى عَنْهُ.
قَوْله: «وَقَد كَانَ الصَّحَابَة رضي الله عنهم يطلبون الدُّعَاء مِنْهُ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ حي»؛ ولا يطلبون مِنْهُ وَهُوَ ميت، وَإِنَّمَا كَانُوا يطلبون مِنْهُ وَهُوَ حي؛ وَلِذَلِكَ عمر رضي الله عنه لما أجدبوا كَانَت العَادَة أن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم يَدْعُو لَهُم بالغيث، ويستسقون بِدُعَاء النَّبِيّ، فَلَمَّا مَاتَ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، عدل عمر عَن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم إِلَى عمه العَبَّاس، لِمَاذَا مَعَ أن الرَّسُول أفضل من العَبَّاس؟
الصفحة 1 / 231