العَذَاب، فالله عز وجل يَقُول لَهُم: ﴿أَيۡنَ
شُرَكَآؤُكُمُ ٱلَّذِينَ كُنتُمۡ تَزۡعُمُونَ﴾
[القَصَص: 62] والزعم هُوَ الكذب؛ أي: كَذَبتُم باتخاذهم.
وَقَوْله
تَعَالَى: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ
شُرَكَآءَكُمۡ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ﴾
[الأَعْرَاف: 195] هَذَا يَوْم القِيَامَة، وَهُوَ من بَاب التحدي لَهُم، قَالَ
تَعَالَى: ﴿وَقِيلَ
ٱدۡعُواْ شُرَكَآءَكُمۡ فَدَعَوۡهُمۡ﴾
لينجدوهم ويغيثوهم، ﴿فَلَمۡ
يَسۡتَجِيبُواْ لَهُمۡ وَرَأَوُاْ ٱلۡعَذَابَۚ لَوۡ أَنَّهُمۡ كَانُواْ
يَهۡتَدُونَ﴾ [القَصَص: 64] وَلَكِن
فَاتَ وقت الهِدَايَة، قَالَ هُود عليه السلام لما هدَّدوه بآلهتهم: ﴿إِن نَّقُولُ إِلَّا
ٱعۡتَرَىٰكَ بَعۡضُ ءَالِهَتِنَا بِسُوٓءٖۗ قَالَ إِنِّيٓ أُشۡهِدُ ٱللَّهَ وَٱشۡهَدُوٓاْ
أَنِّي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ ٥٤مِن دُونِهِۦۖ فَكِيدُونِي جَمِيعٗا ثُمَّ لَا
تُنظِرُونِ ٥٥﴾ [هُود: 54، 55] انْظُر: شخص
واحد يتحدى أمةً عَاتِيَة، كبار الأجسام، فأكبر الخلق أَجْسَام قوم عَاد، قَالَ تَعَالَى
عَنْهُم: ﴿وَزَادَكُمۡ
فِي ٱلۡخَلۡقِ بَصۜۡطَةٗۖ﴾
[الأَعْرَاف: 69]، يتحداهم شخص واحد فماذا كَانَت النتيجة؟ أَهلَكَهم الله
جَمِيعًا ونَجَّى هُودًا ومن مَعَهُ.
قَوْله:
«وَلَمْ يَعبُدوا الأَنْدَاد بالخضوع
لَهُم والتقرُّب بالنذور والنحر لَهُم؛ إلاَّ لاِعْتِقَادِهِم أنها تُقرِّبهم
إِلَى الله زُلْفَى وتَشفع لَهُم لديه»؛ هَذَا مقصدهم، فلم يَعبُدوهم
لأَِنَّهُم يَخلقون ويَرزقون ويدبِّرون ملكوت السَّمَوَات وَالأَرْض؛ فهم
يُقِرُّون أن هَذَا لله وحده، وَلَكِن عَبَدُوهم مِن أَجْل أن يَشفعوا لَهُم
عِنْدَ الله؛ ﴿وَيَعۡبُدُونَ
مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ
هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ﴾
[يُونُس: 18]، ﴿وَٱلَّذِينَ
ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ
إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ﴾
[الزُّمُر: 3]، هَذِهِ حجتهم فَهَلْ الله سبحانه وتعالى بخيل لاَ بُدَّ لَهُ من
أَحَد يؤثِّر عَلَيْهِ حَتَّى يُعطِي؟! هَل
الصفحة 2 / 231