قَوْله: «كما أَفرَدوه بالربوبية»؛ لأَِنَّهُم يُقِرُّون بالربوبية، فَهُوَ دعاهم إِلَى أن يُفرِدوا الرَّبَّ بِالعِبَادَةِ كما أَفرَدوه بالربوبية، وإلا فتوحيد الرُّبُوبِيَّة بدون تَوْحِيد العِبَادَة لا فَائِدَة فيه، أو تَوْحِيد الرُّبُوبِيَّة مَعَ الشِّرْك فِي الألوهية لا فَائِدَة فيه.
قَوْله: «وأن يُفرِدوه بِمَعْنَى ومُؤدى كَلِمَة: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، قَالَ لَهُم: قولوا: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ». وهل المَعْنى قَوْلهَا فَقَط باللسان؟ لا، بل قولوها واعملوا بها، وهم عرب يَفهمون مَعْنَاهَا، لِذَلِكَ لَمَّا سَمِعُوها قَالُوا: ﴿أَجَعَلَ ٱلۡأٓلِهَةَ إِلَٰهٗا وَٰحِدًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عُجَابٞ ٥وَٱنطَلَقَ ٱلۡمَلَأُ مِنۡهُمۡ أَنِ ٱمۡشُواْ وَٱصۡبِرُواْ عَلَىٰٓ ءَالِهَتِكُمۡۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ ٦﴾ [ص: 5- 6] يَتَوَاصَون بالشرك! ﴿إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٞ يُرَادُ﴾، ﴿إِنَّهُمۡ كَانُوٓاْ إِذَا قِيلَ لَهُمۡ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ يَسۡتَكۡبِرُونَ ٣٥وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوٓاْ ءَالِهَتِنَا لِشَاعِرٖ مَّجۡنُونِۢ ٣٦﴾ [الصَّافَات: 35، 36]. فَهِمُوا أن «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» تَطلُب مِنْهُمْ تَرْكَ آلهتهم؛ لأَِنَّهُم عرب فصحاء، عَرِفُوا أَنَّهُم يتناقضون لو قالوها وعَبَدُوا غيرَ الله، وهم لا يُرِيدُونَ التناقض؛ وَلِذَلِكَ أَصَرُّوا عَلَى الشِّرْك، وَعَلَى عَقِيدَتهم، وَأَبَوْا أن يتناقضوا بأَنْ يَقُولَوها ويَعبدوا غير الله، لَكِن فِي المُسْلِمِينَ الآنَ الكثير مِمَّن يقولها يَعبد غير الله ولا يأنف من التناقض، فَهُم يَقُولُونَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، ويقولون: يا عبد القَادِر، يا حسين، يا عَلِيّ، يا بدوي... إِلَى آخِرِهِ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد