«أَنَا أَغْنَى
الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي،
تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ»، وفي رِوَايَة: «فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ، وَهُوَ لِلَّذِي
أَشْرَكَ» ([1])،
فَلاَ يَقبل الله إلاَّ ما كَانَ خالصًا لَهُ، لَيْسَ فِي رياء ولا سمعة. والرياء
لما يُرى من الأَعْمَال، والسمعة لما يُسمع من الأَقْوَال، وَبَعْض النَّاس يهلل
ويسبح ويقرأ القُرْآن ويحسن صوته ويرتل من أجل أن يمدحه النَّاس، فَهَذَا يُسَمَّى
بالسمعة، ولا ثَوَاب لَهُ فِي ذَلِكَ.
قَوْله: «بل سمى الله التَّسْمِيَة بعبد الحَارِث شركًا» هَذَا فِي قِصَّة آدَم، قَالَ تَعَالَى: ﴿هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَجَعَلَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا لِيَسۡكُنَ إِلَيۡهَاۖ فَلَمَّا تَغَشَّىٰهَا﴾؛ يَعْنِي: وطئها، ﴿حَمَلَتۡ حَمۡلًا خَفِيفٗا فَمَرَّتۡ بِهِۦۖ﴾كَانَ الحَمْل فِي الأَوَّل خفيفًا تمر به وتمشي، ﴿فَلَمَّآ أَثۡقَلَت﴾ وصلت للولادة، ﴿دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا﴾ الأَب والأم، ﴿لَئِنۡ ءَاتَيۡتَنَا صَٰلِحٗا﴾؛ يَعْنِي: سوي الخِلْقَة، ﴿هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَجَعَلَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا لِيَسۡكُنَ إِلَيۡهَاۖ فَلَمَّا تَغَشَّىٰهَا حَمَلَتۡ حَمۡلًا خَفِيفٗا فَمَرَّتۡ بِهِۦۖ فَلَمَّآ أَثۡقَلَت دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنۡ ءَاتَيۡتَنَا صَٰلِحٗا لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّٰكِرِينَ ١٨٩فَلَمَّآ ءَاتَىٰهُمَا صَٰلِحٗا جَعَلَا لَهُۥ شُرَكَآءَ فِيمَآ ءَاتَىٰهُمَاۚ فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ١٩٠﴾ [الأَعْرَاف: 189، 190] يبيِن هَذَا ما جَاءَ فِي الحَدِيث من أنه كَانَ لا يعيش لآدم ولد، فَلَمَّا حملت فِي الأَخِير، أَتَى الشَّيْطَان إِلَى حواء وَقَالَ لها: إِذا كنت تريدين لَهُ أن يبقى فسميه عبد الحَارِث، فأبت، ثُمَّ جَاءَ مَرَّة ثَانِيَة، ثُمَّ جَاءَ مَرَّة ثَالِثَة، فأَدرَكَهُما حُبُّ الوَلَد فسَمَّيَاه «عبد الحَارِث» وأطاعا الشَّيْطَان، فأَنْزَلَ الله
([1]) أخرجه: ابن ماجه رقم (4202)، وأحمد رقم (7999)، والبزار رقم (8309).