×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

الشوكاني رحمه الله، وتواتر هَذَا عِنْدَ الأَئِمَّة فِي الأَمْصَار، وَلَكِن مَعَ هَذَا فالقبوريون أبوا إلاَّ أن يصروا عَلَى الشِّرْك، ولا يستمعوا لدعوة المصلحين، وَقَالُوا: إنا وجدنا آبَاءَنَا عَلَى هَذَا، وهذه هِيَ المصيبة والبلية، اتخذوا القبور أوثانًا من دون الله، وبنوا عَلَيْهَا الأضرحة، وأوقفوا عَلَيْهَا الأوقاف والنذور، وجعلوا لها الحجب والستائر والسدنة، وجعلوها موارد للكسب من النَّاس، وموارد يرتزقون من ورائها من السُّذج ومن الدَّهْمَاء الَّذِينَ غرُّوهم بِهَذِهِ المظاهر الشركية، وجعلوا عَلَى هَذِهِ القبور بناياتٍ مزخرفة، وأسرجوها بأنواع السّرج والمصابيح، وجعلوها أوثانًا تُعبد من دون الله، ويقولون: هَذَا هُوَ الإِسْلاَم، وهذه محبة للصالحين، وَالَّذِي لا يفْعَل هَذَا مَعْنَاه أنه لا يحب الصَّالِحِينَ ويبغضهم، تَعَالَى الله عَن ذَلِكَ.

وهل محبة الصَّالِحِينَ مَعْنَاهَا أن نشركهم مَعَ الله عز وجل فِي العِبَادَة؟ ما قَالَ هَذَا إلاَّ شَيَاطِين الجِنّ والإنس، وهذه مصيبة عَظِيمَة يعيشها الآنَ كَثِير من العَالم الإسلامي، وَالمَسْجِد الَّذِي لَيْسَ فيه قبر لا قيمة لَهُ عِنْدَهُم، ولا يذهبون إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا يسألون عَن المَسَاجِد المبنية عَلَى القبور فَقَط! هَذِهِ مصيبة وبلية كَبِيرَة؛ ففتنة القبور من أشد الفتن الَّتِي دخلت عَلَى الإِسْلاَم بعد القرون المفضلة؛ حينما استولى الشِّيعَة الفاطميون عَلَى بلاد المَغْرِب، وَعَلَى مِصْر، جَاءُوا بِهَذِهِ البَلِيَّة، وبنوا عَلَى القبور، وأغروا العَامَّة، حَتَّى أصبحت هَذِهِ عَقِيدَة عاشوا عَلَيْهَا وتوارثوها، ومَنْ أنكرها فَهُوَ خَارِج عَن الدّين، فيسمونهم «خوارج»، ويسمونهم «وهابية»، عَلَى غير ذَلِكَ، ويقولون: أَنْت تبغض الصَّالِحِينَ!..


الشرح