×
سبيل الرشاد في شرح تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد

العُذْر بالجهل، وَقَد بعث الله رَسُوله وأنزل كِتَابه، وأقام الحُجَّة عَلَى العباد، فَهَلْ يبقى النَّاس فِي جهلٍ إِلَى يَوْم القِيَامَة؟ وَقَد زَالَت الجَاهِلِيَّة - ولله الحَمْد - ببعثة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، فمن بلغه القُرْآن وَهُوَ يفهم العَرَبِيَّة وَبَقِيَ عَلَى ما كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الشِّرْك، وَلَمْ يرتدع فَهُوَ مُشْرِك؛ لأنه بلغته الحُجَّة، وَلَيْسَ جاهلاً، قَالَ الله جل وعلا: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ لِأُنذِرَكُم بِهِۦ وَمَنۢ بَلَغَۚ [الأَنْعَام: 19]، فمن بلغه القُرْآن وَهُوَ عربي ويفهم العَرَبِيَّة قَامَت عَلَيْهِ الحُجَّة.

ما الغامض فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡ‍ٔٗاۖ [النِّسَاء: 36]، وَهُوَ عربي يفهم الشِّرْك؟ وفي قَوْله: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النِّسَاء: 48]، وَقَوْله: ﴿إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ [المَائِدَة: 72]. ما الغامض فِي مَعْنى «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»؟ أي: لا معبود بِحَقّ إلاَّ الله سبحانه وتعالى، فقامت عَلَيْهِمْ الحُجَّة.

أَمَّا المنقطع فِي أَرْض لا يصل إِلَيْهِ قرآن، ولا علم ببعثة الرَّسُول وَلَمْ يبلغه شَيْء، فَهَذَا يَكُون مِنْ أَهْلِ الفترة، وأمره إِلَى الله، أَمَّا من بلغه القُرْآن وَهُوَ عربي فَلاَ عذر لَهُ فِي الأُمُور الظَّاهِرَة؛ مِثْل: الشِّرْك، مِثْل الكفر، أَمَّا الأُمُور الخَفِيَّة وَالأُمُور الَّتِي فِيهَا خِلاَف بَين أهل العِلْم فَهَذِهِ لاَ بُدَّ فِيهَا من البَيَان، فَالأُمُور الخَفِيَّة الَّتِي تخفى عَلَى من لم يتعلم فَهَذَا لاَ بُدَّ أن تُقام عَلَيْهِ الحُجَّة وتبيَّن لَهُ، أَمَّا أن يُعذر بالجهل مُطْلَقًا فَلاَ، وهل من يفعلون هَذِهِ الأَعْمَال لا يحفظون القُرْآن، ربما تجدهم يحفظون


الشرح