منبه رحمه الله وَهُوَ من أَئِمَّة
التَّابِعِينَ - أَلَيْس «لاَ إِلَهَ
إلاَّ اللهُ» مفتاح الجنَّة؟ قَالَ: بلى، وَلَكِن ما من مفتاح إلاَّ وله
أسنان، فإن جئت بمفتاح لَهُ أسنان فتح لك، وإلا لم يفتح لك؛ يُرِيد بِذَلِكَ أن «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» لها مقتضيات
مِثْل أسنان المفتاح، وَهِيَ: التَّوْحِيد، وإفراد الله بِالعِبَادَةِ، وترك
الشِّرْك، وإقام الصَّلاَة، وإيتاء الزَّكَاة... إِلَى آخِرِهِ. فإن اقتصرت عَلَى
مُجَرَّد قَوْلهَا من غير أن تحققها لن تنفعك، ولو ردَّدتْها اللَّيْل والنهار
وعدد الأنفاس، فَلاَ تَنفَعك، مِثْل من مَعَهُ مفتاح وَلَيْسَ لَهُ أسنان، وكلكم
يعلم أن المفتاح الَّذِي لَيْسَ لَهُ أسنان وجوده كعدمه.
قَوْله:
«قَد قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِلاَّ
بِحَقِّهَا»، وحقُّها: إفرادٌ بالإلهية والعبودية لله تَعَالَى» فأعظم حَقّهَا
إفراد الله بِالعِبَادَةِ، هَذَا من أعظم حُقُوق «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، يأتي بعده الصَّلاَة، وَالزَّكَاة، وأوامر
الدّين، بعد إفراد الله بِالعِبَادَةِ، أَمَّا أن تقول: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» وتعبد غير الله، فَهَذَا تناقض.
قَوْله:
«والقبوريُّون لم يُفردوا هَذِهِ
العِبَادَة»؛ أي: أن القبوريين ما جاؤوا بحقها الَّذِي هُوَ إفراد الله بِالعِبَادَةِ؛
فهم يعبدون غير الله، ويذبحون وينذرون، ويستغيثون ويطوفون ويعكفون عَلَى القبور.
قَوْله:
«فلم تنفعهم كَلِمَة الشَّهَادَة»؛
لأنه لَيْسَ المراد التلفظ بها.
قَوْله:
«فَإِنَّهَا لاَ تَنفَع إلاَّ مَعَ التزام
مَعْنَاهَا»؛ فَإِنَّهَا لاَ تَنفَع منْ نطق بها إلاَّ مَعَ التزام مَعْنَاهَا
وَالعَمَل بمقتضاها. ما هُوَ مَعْنَاهَا؟ مَعْنَاهَا: لا معبود بِحَقّ إلاَّ الله؛
لأَِنَّهَا نفي وَإِثْبَات؛ نفي للشرك وَإِثْبَات للتوحيد، هَذَا مَعْنَاهَا
ومقتضاها: أن لا يعبد إلاَّ الله؛ أي: أن يفرد الله بِالعِبَادَةِ.
الصفحة 2 / 231