×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الثالث

قوله رحمه الله: «وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلاَةِ الْعِشَاءِ إلَى الْفَجْرِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ»»، ليس معناه أنه من حين يسلم العشاء إلى أن يطلع الفجر وهو في صلاة، لم يكن يقوم الليل كله صلى الله عليه وسلم، كان يصلي، وينام - كما في الحديث -، يصلي وينام، ولذلك لما جاء الثلاثة الذين أرادوا أن يسألوا عن عمل النبي صلى الله عليه وسلم؛ ليقتدوا به، فأخبرته نساء النبي صلى الله عليه وسلم بصلاته، كأنه تقالها، فقال: أين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ يعني: إنه ليس بحاجة إلى كثرة الصلاة، هذا فهمهم.

هم ثلاثة، قال أحدهم: أما أنا، فأصلي ولا أنام، قال الآخر: أما أنا، فأصوم ولا أفطر، وقال الثالث: أما أنا، فلا أتزوج النساء: يريد أن يتبتل.

فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم، وأُخبر بمقالتهم، صعد المنبر صلى الله عليه وسلم، وخطب، وقال: «أَمَّا أَنَا فَأُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي، فَلَيْسَ مِنِّي»([1]). صلى الله عليه وسلم ما أنصحه وأفصحه صلى الله عليه وسلم ! يصلي وينام، ويصوم ويفطر، لا يسرد الصيام دائمًا، ويتزوج النساء صلى الله عليه وسلم، لا يحرم نفسه من العبادة، ولا يحرم نفسه من المتاع الحلال، لا يحرم نفسه صلى الله عليه وسلم، هذه السنة، هذا الاعتدال في الدين؛ لا تشدد، ولا تساهل، هذا الاعتدال في الدين.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري (5063)، ومسلم (1401).