×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الثالث

ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا حَتَّى بَقِيَ ثَلاَثٌ مِنْ الشَّهْرِ، فَصَلَّى بِنَا فِي الثَّالِثَةِ وَدَعَا أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى تَخَوَّفْنَا الْفَلاَحَ، قُلْت لَهُ: وَمَا الْفَلاَحُ؟ قَالَ: السَّحُورُ([1]). رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى الثَّانِيَةَ فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: «رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ فَلَمْ يَمْنَعنِي مِنْ الْخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلاَّ أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُمْ»([2]). وَذَلِكَ فِي رَمَضَان. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

******

 ثم إنهم تكاثروا، حتى ضاق بهم المسجد، وهذا من رغبتهم في الخير، ليخرج إليهم صلى الله عليه وسلم، في الليلة الرابعة لم يخرج إليهم، وبقوا في المسجد ينتظرونه، ولم يخرج إليهم، فلما أصبح، يعني: صلى الصبح، لما صلى صلاة الفجر، قال: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، لَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ، فَتَعْجِزُوا عَنْهَا»([3]).

فهو صلى الله عليه وسلم تخلف خشية الفرضية، لم يتخلف؛ لأنها ليست سنة ومستحبة، ولكن تخلف لمانع، وهو أن تفرض عليهم خلف الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استمر بهم، صارت فرضًا، فتثقل عليهم، وتشق عليهم، فمن رحمته بهم صلى الله عليه وسلم أنه تخلف عنهم.


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود (1375)، والترمذي (806)، والنسائي (1605)، وابن ماجه (1327)، وأحمد (21447).

([2])أخرجه: أحمد (42/ 279)، والبخاري (1129)، ومسلم (761).

([3])أخرجه: البخاري (1129)، ومسلم (761).