رَسُولِ اللَّهِ إِلَى مُسَيْلِمَةَ
الْكَذَّابِ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الأَْرْضَ لِلَّهِ يَورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ
مِنْ عِبَادِهِ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»([1]).
هذا مسيلمة الكذاب، وهو من بلاد اليمامة من بني حنيفة، ظهر في آخر حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كذابان ادعيا النبوة، أحدهما: مسيلمة هذا، والثاني الأسود العنسي في اليمن، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجهز أبو بكر رضي الله عنه جيشًا عظيمًا بقيادة خالد بن الوليد رضي الله عنه، وجنده من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم من قراء القرآن ومن حفظة القرآن رضي الله عنهم، حصل قتال شديد في معركة اليمامة في عقرباء في الجبيل، حصلت معركة شديدة، قُتِل فيها كثير من القراء من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم حفظة القرآن رضي الله عنهم، وعندها طلبوا من أبي بكر رضي الله عنه أن يجمع المصحف؛ لأن رواته وقراءه أكثرهم قُتِلوا، فخشوا على القرآن أن يضيع منه شيء، فأشاروا على أبي بكر الصديق رضي الله عنه بأن يجمع ما تفرق من الكتابات، وإلا الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتوف إلا والقرآن كله مكتوب، ولكنه على أشياء متفرقة عند الصحابة، كل عنده منه جزء، فأشاروا على أبي بكر رضي الله عنه أن يجمعه في مكان، فجمعه رضي الله عنه، هذا هو الجمع الثاني، الجمع الأول على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يتوف إلا والقرآن مجموع ومكتوب، والجمع الثاني عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، والجمع الثالث في عهد أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه. فحفظ الله هذا القرآن؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ﴾ [الحجر: 9]، حفظ الله هذا القرآن أن
([1]) سيرة ابن هشام (2/ 600- 601)، وطبقات ابن سعد (1/ 209)، والآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (3/ 24)، وشعب الإيمان للبيهقي (3/ 40).