×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الثالث

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً أَعْمَى قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَجِبْ»([1]). رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ .

******

 هذا حديث الأعمى الذي جاء يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرخص له أن يصلي في بيته؛ لما عنده من العذر، وهو أنه أعمى، وليس له قائد يلائمه، يعني: يأتي على طلبه كلما احتاجه، وأيضًا بينه وبين المسجد مخافة من السباع، ومع هذا لم يرخص له الرسول صلى الله عليه وسلم، قال له: «هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَجِبْ».

أما أنه ليس عنده قائد، هو يدبر شؤونه، يدبر قائده، مثلاً يتفاهم مع جيرانه يأخذونه معهم المسجد، هذا له حل، هذا المانع له حل.

والرجل الأعمى جاء أن اسمه عمرو بن أم مكتوم رضي الله عنه، والمعروف أنه عبد الله، اسمه عبد الله رضي الله عنه، من المهاجرين رضي الله عنهم، من السابقين الأولين إلى الإسلام رضي الله عنهم، ومن المهاجرين رضي الله عنهم، فهو من أفاضل الصحابة رضي الله عنهم، ولم يرخص له الرسول صلى الله عليه وسلم.

وفي الحديث: دليل على أن من سمع النداء، فلا بد أن يحضر، إلا إذا كان عنده مانع؛ كما في الحديث الآخر: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ، فَلاَ صَلاَةَ لَهُ، إِلاَّ مِنْ عُذْرٍ» قالوا: وما العذر؟ قال: «خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ»([2]).


الشرح

([1])أخرجه: مسلم (653)، والنسائي (850).

([2])أخرجه: أبو داود (551)، وابن ماجه (793)، والحاكم (896).